للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه المعاملة. فإن كان هناك باطن لا نعرفه فأخبرنا به، وانتظرنا حتّى نخرج بعيالنا وأموالنا منه. وإن كان ما عليه هؤلاء العبيد مخالفا لرأيك فأطلقنا في معاملتهم بما يعامل به المفسدون والمخالفون. فأجابهم بأنه ما أراد ذلك، ولعن الفاعل له والآمر به، وقال: أنتم على الصواب في الذبّ عن المصرييّن، وقد أذنت لكم فى نصرتهم، والإيقاع بمن تعرّض لهم. وأرسل إلى العبيد سرّا يقول: كونوا على أمركم؛ وحمل إليهم سلاحا قوّاهم به. وكان غرضه في هذا أن يطرح بعضهم على بعض، وينتقم من فريق بفريق. وعلم القوم بما يفعل، فراسلته كتامة والأتراك:

قد عرفنا غرضك، وهذا هلاك هذه البلدة وأهلها وهلا كنا معهم؛ وما يجوز أن نسلّم نفوسنا والمسلمين «١» لفتك الحريم وذهاب المهج. ولئن لم تكفّهم لنحرقنّ القاهرة، ونستنفرنّ «٢» العرب وغيرهم؟ فلمّا سمع الرسالة. وكانوا قد استظهروا على العبيد.

ركب حماره ووقف بين الصّفّين وأوما للعبيد بالانصراف فانصرفوا، واستدعى كتامة والأتراك ووجوه المصريّين واعتذر إليهم، وحلف أنه برىء مما فعله العبيد؛ وكذب في يمينه؛ فقبّلوا الأرض بين يديه وشكروه، وسألوه الأمان لأهل مصر، فكتب لهم، وقرئ الأمان على المنابر، وسكنت الفتنة وفتح الناس أسواقهم وراجعوا معايشهم. واحترق من مصر مقدار ثلثها، ونهب نصفها. وتتبّع المصريّون من أخذ أزواجهم وبناتهم وأخواتهم، وابتاعوهنّ من العبيد بعد أن فضحوهنّ، وقتل بعضهنّ نفوسهنّ خوفا من العار. واستغاث قوم من العلوييّن الأشراف إلى الحاكم، وذكروا أنّ بعض بناتهم في أيدى العبيد على أسوأ حال، وسألوه أن يستخلصهنّ؛ فقال الحاكم: [انظروا «٣» ] ما يطالبونكم به عنهنّ لأطلقه لكم؛