وراء حجاب، وليس غرضى إلّا السلامة منه، وأنى أعيش بينكم آمنة من الفضيحة.
ثم أقطعته إقطاعات كثيرة، ووعدته بالأموال والخلع والمراكب [السنية «١» ] . فقال لها عند ذلك: مرى بأمرك؛ قالت: أريد عبدين من عبيدك تثق بهما في سرّك، وتعتمد عليهما في مهمّاتك. فأحضر عبدين ووصفهما بالشهامة؛ فاستحلفتهما ووهبتهما ألف دينار، ووقّعت لهما بثياب وإقطاعات وخيل وغير ذلك، وقالت لهما: أريد منكما أن تصعدا غدا إلى الجبل، فإنّها نوبة الحاكم في الركوب، وهو ينفرد ولا يبقى معه غير القرافىّ الرّكابىّ، وربّما ردّه، ويدخل الشّعب وينفرد بنفسه؛ فاخرجا عليه فاقتلاه واقتلا القرافىّ والصبىّ إن كانا معه؛ وأعطتهما سكّينين من عمل المغاربة تسمى [الواحدة «٢» منهما:] " يافورت" ولهما رأس كرأس المبضع الذي يفصد به الحجّام، ورجعت إلى القصر وقد أحكمت الأمر وأتقنته. وكان الحاكم [ينظر «٣» فى النجوم فنظر مولده وكان] قد حكم عليه بالقطع في هذا الوقت، فإن تجاوزه عاش نيّفا وثمانين سنة. وكان الحاكم لا يترك الركوب بالليل وطوف القاهرة. فلما كان تلك الليلة قال لوالدته: علىّ في هذه الليلة وفي غد قطع عظيم، والدليل عليه علامة تظهر في السماء طلوع «٤» نجم سمّاه، وكأنى بك وقد انتهكت وهلكت مع أختى، فإنّى ما أخاف عليك أضرّ منها. فتسلّمى هذا المفتاح فهو لهذه الخزانة، وفيها صناديق تشتمل على ثلثمائة ألف دينار، خذيها وحوّليها إلى قصرك تكون ذخيرة لك. فقبّلت الأرض وقالت: إذا كنت تتصور هذا فارحمنى واقض حقّى ودع ركوبك الليلة، وكان يحبّها، فقال: أفعل، ولم يزل يتشاغل حتّى مضى صدر