للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين أهلها، فملكت الفرنج البلد بعد المغرب بعد أن قتل من الفريقين خلق كثير، ثم أعطوهم الأمان. فلمّا ملكوها غدروا بهم وفعلوا تلك الأفعال القبيحة وأقاموا عليها، إلى أن رحلوا عنها فى آخر شهر رجب إلى القدس. وانجفل الناس بين أيديهم، فجاءوا إلى الرملة فأخذوها عند إدراك الغلّة، ثم انتهوا إلى القدس. وذكر فى أمر القدس نحوا مما قلناه، غير أنّه زاد فقال: ولمّا بلغهم (يعنى الفرنج) خروج الأفضل من مصر جدّوا فى القتال ونزلوا من السور وقتلوا خلقا كثيرا، وجمعوا اليهود فى الكنيسة وأحرقوها عليهم، وهدموا المشاهد وقبر الخليل- عليه السلام- وتسلّموا محراب داود بالأمان. ووصل الأفضل بالعساكر وقد فات الأمر، فنزل عسقلان فى يوم رابع عشر شهر رمضان ينتظر الأسطول فى البحر والعرب؛ فنهض إليه مقدّم الفرنج فى خلق عظيم، فانهزم العسكر المصرىّ إلى ناحية عسقلان؛ ودخل الأفضل عسقلان، ولعبت سيوف الفرنج فى العسكر والرجال والمطّوّعة وأهل البلد، وكانوا زهاء عن عشرة آلاف نفس، ومضى الأفضل. وقرّر الفرنج على أهل البلد عشرين ألف دينار تحمل إليهم، وشرعوا فى جبايتها من أهل البلد؛ فاختلف المقدّمون فرحلوا ولم يقبضوا من المال شيئا. ثم قال: وحكى أنّه قتل من أهل عسقلان من شهودها وتجارها وأحداثها سوى أجنادها ألفان وسبعمائة نفس.

ولما تمّت هذه الحادثة خرج المستنفرون من دمشق مع قاضيها زين الدين أبى سعد الهروىّ، فوصلوا بغداد وحضروا فى الديوان وقطّعوا شعورهم واستغاثوا وبكوا، وقام القاضى فى الديوان وأورد كلاما أبكى الحاضرين، وندب من الديوان من يمضى إلى العسكر السلطانىّ ويعرّفهم بهذه المصيبة؛ فوقع التقاعد لأمر يريده