وقال ابن القلانسىّ: «إنّ الظافر إنّما قتله أخواه يوسف وجبريل وابن عمهما صالح بن الحسن. قلت: وهذا القول يؤيّده قول ما نقله أبو المظفر من أنّ عبّاسا قتل أخوى الظافر وابن عمه صبرا (أعنى لمّا بلغه قتلهم للظافر قتلهم به) ؛ غير أنّ جمهور المؤرخين اتّفقوا على أنّ قاتل الظافر نصر بن عبّاس المقدّم ذكره.
قال: وكان الظافر قد ركن إليهم (يعنى أخويه وابن عمه) وأنس بهم فى وقت مسرّاته؛ فاتّفقوا عليه واغتالوه، وذلك فى يوم الخميس سلخ صفر. وحضر العادل عبّاس الوزير وابنه ناصر الدين نصر وجماعة [من «١» ] الأمراء والمقدّمين [للسلام «٢» ] على الرسم. فقيل لهم: إن أمير المؤمنين ملتاث الجسم. فطلبوا الدخول إليه فمنعوا؛ فألحّوا فى الدخول بسبب العيادة فلم يمكّنوا. فهجموا ودخلوا القصر وانكشف أمره، فقتلوا الثلاثة وأقاموا ولده عيسى وهو ابن ثلاث سنين، ولقّبوه بالفائز بنصر الله وبايعوه؛ وعبّاس الوزير إليه تدبير الأمور. ثم ورد الخبر بأن طلائع بن رزّيك فارس المسلمين قد امتعض من ذلك وجمع وحشد وقصد القاهرة، وكان من أكابّر الأمراء. وعلم عبّاس أنّه لا طاقة له به، فجمع أمراءه وأسبابه وأهله وخرج من القاهرة. فلمّا قرب من عسقلان وغزّة خرج عليه جماعة من خيّالة الفرنج، فاغترّ بكثرة من معه؛ فلمّا حمل عليهم قتل أكثر أصحابه وانهزموا، فانهزم هو وابنه الصغير وأسر ابنه الكبير الذي قتل ابن سلّار مع ولده وحرمه وماله وكراعه «٣» ، وصار الجميع للفرنج، ومن هرب مات من الجوع والعطش.
ووصل طلائع بن رزّيك إلى القاهرة، فوضع السيف فيمن بقى من أصحاب عبّاس، وجلس فى منصب الوزارة» . انتهى كلام ابن القلانسىّ. وما نقله غالبه مخالف لغيره من المؤرّخين. والله أعلم.