وقد كاد «١» أن يطفى تألّق نوره ... على الحقّ عاد من بقية عاد
فلو عاينت عيناك بالقصر يومهم ... ومصرعهم لم تكتحل برقاد
وهى طويلة كلّها على هذا المنوال فى معنى النجدة. وقد نقلتها من خطّ عقد لا يقرأ إلّا بجهد. فلمّا بلغ ذلك طلائع بن رزّيك جمع ودخل القاهرة فى تاسع شهر ربيع الأوّل، وجلس فى دست الوزارة، وتلقّب بالملك الصالح؛ وهو صاحب الجامع «٢» خارج بابى زويلة، وأخرج جسد الظافر من البئر التى كان رمى فيها بعد قتله وجعله فى تابوت ومشى بين يديه حافيا مكشوف الرأس، وفعل الناس كذلك، وكثر الضجيج والبكاء والعويل فى ذلك اليوم.
وقال بعضهم وأوضح الأمر، وقوله: إنّ الظافر كان قد أحبّ نصر بن عبّاس حبّا شديدا، وبقى لا يفارقه ليلا ولا نهارا. فقدم مؤيّد الدولة أسامة بن منقذ من الشام، فقال لعبّاس الوزير يوما: كيف تصبر على ما أسمع من قبيح القول! قال عبّاس: وما يقولون؟ قال يقولون: إن الظافر بنى «٣» على ابنك نصر. فغضب عبّاس من ذلك، وأمر ابنه نصرا، فدعا الظافر لبيته فوثب عليه وقتله. وساق نحوا مما سقناه من قول أبى المظفّر وابن خلّكان. وانتهى كلامه.
وقال صاحب كتاب المقلتين فى أخبار الدولتين: «ولمّا تمّ أمر الظافر ركب بزىّ الخلافة وعاد إلى القصر؛ ولم يقدّم شيئا على انتقامه من ابنى الأنصارى لما كان يبلغه عنهما فى أيام والده الحافظ.