وخبر ابنى الأنصارىّ أنّهما كانا من جملة الكتّاب، وتوصّلا إلى الحافظ، فاستخدمهما فى ديوان الجيش قصدا لتمييزهما؛ وهما غير قانعين بذلك، لما يعلمانه من إقبال الحافظ عليهما؛ فوثبا على السادة من رؤساء الدولة مثل الأجلّ الموفّق أبى «١» الحجّاج يوسف كاتب دست الخليفة ومشورته، ومن يليه مثل القاضى المرتضى «٢» المحنّك، والخطيرى البوّاب؛ فتجرّأا على المذكورين وغيرهم من الأمراء مع قلّة دربة.
فتتبّع القوم عوراتهم، والخليفة الحافظ لا يزداد فيهما إلّا رغبة. ووقع لهما أمور قبيحة، والقوم يبلّغون الخليفة خبرهم شيئا بعد شىء، وهو لا يلتفت إلى قولهم.
ولا زال ابنا الأنصارىّ حتى صار الأكبر شريك الأجلّ الموفّق فى ديوان المكاتبات، ولكن خصّص الموفّق بالإنشاء جميعه. ولمّا تولّى ابن الأنصارىّ نصف الديوان نعت بالقاضى الأجلّ سناء الملك، بعد أن وصّاه الخليفة الحافظ أن يقنع مع الموفق بالرتبة ويدع المباشرة، ويخدم الموفّق. وصبر الأجلّ الموفّق على ذلك مراعاة لخاطر الخليفة. وأمّا ابن الأنصارى الصغير فإنّه تجنّد فتأمّر فى يوم، وخلع عليه بالطّوق وما يلزم الأمريّة، وصار أمير طوائف الأجناد. فقال الناس: هو الأمير الطارى ابن الأنصارى!. وبينما هم فى ذلك مرض الخليفة الحافظ ومات، وآلت الخلافة لولده الظافر هذا. فنرجع لما كنّا عليه من أمر الظافر مع ولدى «٣» الأنصارىّ المذكورين. فركب الخليفة الظافر بعد العشاء الآخرة فى الشمع بالقصر، ووقف على باب الملك بالإيوان المجاور للشباك، وأحضر ابنى الأنصارىّ واستدعى متولّى؟؟؟