للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المسجد فوجد به رجلا صوفيّا، فأخذه ودخل به إلى العاضد. فلمّا رآه سأله من أين هو، ومتى قدم البلاد، وفى أىّ شىء قدم؟ [وهو يجاو «١» به عن كلّ سؤال] .

فلمّا ظهر منه ضعف الحال والصدق والعجز عن إيصال المكروه إليه أعطاه شيئا وقال له: يا شيخ، ادع لنا وخلّى سبيله، وخرج من عنده وعاد إلى المسجد. فلمّا استولى السلطان صلاح الدّين على الديار المصريّة وعزم على قبض العاضد [وأشياعه «٢» ] واستفتى الفقهاء [وأفتوه «٣» ] بجواز ذلك لما كان عليه من انحلال العقيدة وفساد الاعتقاد وكثرة الوقوع فى الصحابة والاشتهار بذلك، فكان أكثرهم مبالغة فى الفتيا الصوفىّ المقيم بالمسجد، وهو الشيخ نجم الدين الخبوشانىّ «٤» . انتهى كلام ابن خلّكان.

ولمّا استولى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب على مصر، كتب إلى الوزير ببغداد على يد شمس الدين محمد بن المحسّن بن الحسين بن أبى المضاء «٥» البعلبكّىّ الذي خطب أوّل شىء بمصر لبنى العبّاس بإشارة السلطان صلاح الدين، وكان الكتاب من إنشاء القاضى الفاضل عبد الرحيم البيسانىّ، وكان ممّا فيه:

«وقد توالت الفتوح غربا «٦» ويمنا وشاما، وصارت البلاد [بل «٧» الدنيا] والشهر بل الدهر حرما حراما، وأضحى الدّين واحدا بعد ما كان أديانا، والخلافة إذا ذكّر بها أهل الخلاف لم يخرّوا عليها صمّا وعميانا؛ والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلّة فى شيع الضلال شائعة؛ وذلك بأنّهم اتّخذوا عباد الله من دونه أولياء، وسمّوا