صلاح الدين فى الميمنة؛ وفى الميسرة الأكراد، وأسد الدين فى القلب «١» ، فحمل الملك مرّى على القلب فتعتعه، وكانت أثقال المسلمين خلفه فاشتغل الفرنج بالنهب؛ وحمل صلاح الدين على شاور فكسره وفرّق جمعه. وعاد أسد الدين إلى ابن أخيه صلاح الدين وحملا على الفرنج فانهزموا، فقتلا منهم ألوفا وأسرا مائة وسبعين فارسا.
وطلبوا القاهرة، فلو ساق أسد الدين خلفهم فى الحال ملك القاهرة، وإنّما عدل إلى الإسكندرية فتلقّاه أهلها طائعين، فدخلها وولّى عليها صلاح الدين.
فأقام صلاح الدين بها وسار أسد الدين إلى الصعيد فاستولى عليه، وأقام يجمع أمواله. وخرج شاور والفرنج من القاهرة فحصروا الإسكندرية أربعة أشهر، وأهلها يقاتلون مع صلاح الدين ويقوّونه بالمال. وبلغ أسد الدين فجمع عرب البلاد وسار إلى الإسكندرية، فعاد شاور إلى القاهرة وراسل أسد الدين حتّى تمّ الصلح بينهم، وأعطى شاور أسد الدين إقطاعا بمصر وعجّل له مالا. فعاد أسد الدين إلى الشام ومعه صلاح الدين. واعتذر أسد الدين إلى الملك العادل نور الدين محمود بكثرة الفرنج والمال. ورأى صلاح الدين لأهل الإسكندرية ما فعلوا، فلمّا ملك مصر بعد ذلك أحسن إليهم.
ثم إنّ الفرنج طلبوا من شاور أن يكون لهم شحنة بالقاهرة ويكون أبوابها بأيدى فرسانهم وتحمل إليهم فى كلّ سنة مائة ألف دينار، ومن سكن منهم بالقاهرة يبقى على حاله ويعود بعض ملوكهم إلى الساحل؛ فأجابهم شاور إلى ما طلبوا منه.