فإنّ المدرسة التى بالقرافة ما يسمّونها الناس إلّا بالشافعىّ، والمجاورة للمشهد لا يقولون إلّا المشهد، والخانقاه لا يقولون إلّا سعيد السعداء، والمدرسة الحنفيّة لا يقولون إلا السيوفيّة، والتى بمصر لا يقولون إلّا مدرسة زين التّجّار، والتى بمصر أيضا مدرسة المالكيّة، وهذه صدقة السّرّ على الحقيقة. والعجب أنّ له بدمشق فى جانب البيمارستان النّورىّ مدرسة أيضا، ويقال لها: الصلاحيّة، وهى منسوبة إليه وليس لها وقف.
قال: وكان مع هذه المملكة المتّسعة والسلطنة العظيمة كثير التواضع واللّطف قريبا من الناس رحيم القلب كثير الاحتمال والمداراة، وكان يحبّ العلماء وأهل الخير ويقرّبهم ويحسن إليهم؛ وكان يميل إلى الفضائل، ويستحسن الأشعار الجيّدة ويردّدها فى مجالسه، حتّى قيل: إنّه كان كثيرا ما ينشد قول أبى المنصور محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن إسحاق الحميرىّ، وهو قوله:
وزارنى طيف من أهوى على حذر ... من الوشاة وداعى الصبح قد هتفا
فكدت أوقظ من حولى به فرحا ... وكاد يهتك سترا لحبّ بى شفغا