بصلبه، مرّوا به على دار القاضى الفاضل، فرمى بنفسه على بابه وطلب الدخول إليه ليستجير به فلم يؤذن له، فقال:
عبد الرحيم قد احتجب ... إنّ الخلاص من العجب
فصلب وهو صائم فى شهر رمضان.
وفيها توفّى السلطان الملك العادل نور الدين أبو القاسم محمود بن زنكى بن آق سنقر صاحب الشام ومصر المعروف بنور الدين الشهيد. قال ابن عساكر:«ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وكان معتدل القامة أسمر اللّون واسع الجبهة حسن الصورة، لحيته شعرات خفيفة فى حنكه، ونشأ على الخير والصلاح. وكان زنكى يقدّمه على أولاده، ويرى فيه مخايل النّجابة. وفتح فى أيام سلطنته نيّفا وخمسين حصنا» .
قلت: ومصر أيضا من جملة فتوحاته، وأيضا ما فتحه صلاح الدين من البلاد والحصون هو شريكه فى الأجر والثواب، ولولاه إيش كان صلاح الدين! حتّى ملك مصر من أيدى تلك الرافضة من بنى عبيد خلفاء مصر وقوّة بأسهم!. قلت:
وترجمة الملك العادل طويلة، يضيق هذا المحلّ عن ذكرها، وأحواله أشهر من أن تذكر. غير أنّنا نذكر مرض موته ووفاته. وكان ابتداء مرضه أنّه ختن ولده الملك الصالح إسماعيل يوم عيد الفطر، فهنّىء بالعيد والطهور، فقال العماد الكاتب- رحمه الله-:
عيدان فطر وطهر ... فتح قريب ونصر
كلاهما لك فيه ... حقّا هناء وأجر
فمرض بعد عوده من صلاة العيد بالخوانيق، وما كان يرى الطبّ؛ على قاعدة الأتراك، فأشير عليه بالفصد فى أوّل مرضه فامتنع؛ وكان مهيبا فما روجع؛ فمات يوم الأربعاء حادى عشر شوّال، ودفن بالقلعة، ثم نقل إلى مدرسته التى أنشأها مجاورة