للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنين كثيرة ولم يحتج إلىّ سوى يوم واحد، أحضر إليه من البطّيخ أربعون حملا فكسر الجميع بيده، وبالغ فى الأكل منه ومن الفواكه والأطعمة، فعرض له تخمة فأصبح، فأشرت عليه بشرب الماء الحارّ، وأن يركب طويلا ففعل، وآخر النهار تعشّى وعاد إلى صحّته. وكان نكّاحا يكثر من اقتناء السّرارىّ، وكان غيورا لا يدخل فى داره خصىّ إلّا دون البلوغ، وكان يحبّ أن يطبخ لنفسه مع أنّ فى كلّ دار من دور حظاياه مطبخا [دائرا «١» ] ، وكان عفيف الفرج لا يعرف له نظر إلى غير حلائله.

نجب له أولاد من الذكور والإناث، سلطن الذكور وزوّج البنات بملوك الأطراف.

وكان العادل قد أوقع الله تعالى بغضته فى قلوب رعاياه، والمخامرة عليه فى قلوب جنده؛ وعملوا فى قتله أصنافا من الحيل الدقيقة مرّات كثيرة، وعند ما يقال إنّ الحيلة تمّت تنفسخ وتنكشف وتحسم موادّها، ولولا أولاده يتولّون بلاده لما ثبت ملكه؛ بخلاف أخيه صلاح الدين فإنّه إنّما «٢» حفظ ملكه بالمحبّة له وحسن الطاعة، ولم يكن- رحمه الله- بالمنزلة المكروهة؛ وإنّما كان الناس قد ألفوا دولة صلاح الدين وأولاده، فتغيرت عليهم العادة دفعة واحدة. ثم إن وزيره ابن شكر بالغ فى الظّلم. قال: وكان العادل يواظب على خدمة أخيه صلاح الدين، يكون أوّل داخل وآخر خارج، وبهذا جلبه، وكان يشاوره فى أمور الدولة، لما جرّب من نفوذ رأيه. ولمّا تسلطن الأفضل بدمشق والعزيز بمصر قصد العزيز دمشق، ووقع له ما حكيناه إلى أن ملكها. قال: ثم أخذ العادل يدبّر الحيلة حتى يستنيبه «٣» العزيز على مصر، ويقيم العزيز بدمشق، ففطن بعض أصحاب العزيز فرمى قلنسوتا