وقال غيره: وكان ملكا مهيبا جبّارا ذا سطوة وجلالة، وكان فصيحا حسن المحاورة عفيفا عن الفواحش، أمّر مماليكه الترك؛ وجرى بينه وبين عمّه الملك الصالح أمور وحروب إلى أن أخذ «١» نقابة دمشق عام ثلاثة وأربعين؛ وذهب إسماعيل إلى بعلبكّ، ثم أخذت من إسماعيل بعلبك، وتعثّر والتجأ إلى ابن أخته الناصر صاحب حلب. ولمّا خرج الملك الصالح هذا من مصر إلى الشام خاف من بقاء أخيه الملك العادل فقتله سرّا ولم يتمتع بعده؛ ووقعت الأكلة فى خدّه «٢» بدمشق.
ونزل الأفرنس ملك الفرنج بجيوشه على دمياط فأخذها، فسار إليه الملك الصالح فى محفّة حتى نزل المنصورة عليلا، ثم عرض له إسهال إلى أن مات فى ليلة النصف من شعبان بالمنصورة، وأخفى موته حتى أحضروا ولده الملك المعظم توران شاه من حصن كيفا وملّكوه.
وقال سعد الدين: إنّ ابن عمّه فخر الدين نائب السلطنة أمر بتحليف الناس لولده الملك المعظم توران شاه، ولولىّ عهده فخر الدين فتقرّر ذلك، وطلبوا الناس فحضروا وحلفوا إلّا أولاد الناصر داود صاحب الكرك توقّفوا، وقالوا: نشتهى [أن] نبصر السلطان، فدخل خادم وخرج وقال: السلطان يسلّم عليكم، وقال: ما يشتهى أن تروه فى هذه الحالة، وقد رسم لكم أن تحلفوا.
فحلفوا؛ وكان للسلطان مدّة من وفاته ولا يعلم به أحد، وزوجته شجرة الدرّ توقّع مثل خطّه على التواقيع- على ما يأتى ذكره- ولمّا حلف أولاد الناصر صاحب الكرك جاءتهم المصيبة من كلّ ناحية، لأنّ الكرك راحت من يدهم، واسودّت وجوههم عند أبيهم، ومات الملك الصالح الذي أمّلوه وأعطوه الكرك؛