كتبغا المذكور بعد أن طال مرضه واسترخى حتى لم يبق له حركة. وترك عدّة أولاد.
وتولّى نيابة حماة بعده الأمير بتخاص المنصورىّ نقل إليها من نيابة الشّوبك. وقد تقدّم التعريف بأحوال كتبغا هذا فى أوائل ترجمته وفى غيرها فيما مرّ ذكره. وأمر كتبغا هذا هو خرق العادة من كونه كان ولى سلطنة مصر أكثر من سنتين وصار له شوكة ومماليك وحاشية، ثم يخلع ويصير من جملة نوّاب السلطان بالبلاد الشاميّة؛ فهذا شىء لم يقع لغيره من الملوك. وأعجب من هذا أنّه لما قتل الملك المنصور لاچين وتحيّر أمراء مصر فيمن يولّونه السلطنة من بعده لم يتعرّض أحد لذكره ولا رشّح للعود البتّة حتى احتاجوا الأمراء وبعثوا خلف الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك، وأتوا به وسلطنوه.
قلت: وما أظنّ أنّ القلوب نفرت منه إلا لما رأوه من دنىء همّته عند ما خلع من السلطنة وتسليمه للامر من غير قتال ولا ممانعة، وكان يمكنه أن يدافع بكلّ ما تصل القدرة إليه ولو ذهبت روحه عزيزة غير ذليلة، وما أحسن قول عبد المطّلب جدّ نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم واسمه شيبة الحمد:
لنا نفوس لنيل المجد عاشقة ... وإن تسلّت أسلناها على الأسل
لا ينزل المجد إلّا فى منازلنا ... كالنّوم ليس له مأوى سوى المقل
وقول عنترة أيضا:
أروم من المعالى منتهاها ... ولا أرضى بمنزلة دنيّه
فإمّا أن أشال على العوالى ... وإمّا أن توسّدنى المنيّه
ويعجبنى المقالة الثامنة من تأليف العلّامة شرف الدين عبد المؤمن بن هبة الله الأصفهانى المعروف بشوروة فإنّ أوائلها تقارب ما نحن فيه، وهى: