قلت: وكذا فعل رحمه الله تعالى، فإنه لمّا تسلطن أمر بتجديد جامع أحمد ابن طولون المذكور ورتب فى شدّ عمارته وعمارة أوقافه الأمير علم الدين أبا موسى سنجر بن عبد الله الصالحىّ النّجمىّ الدّوادارى المعروف بالبرنلى، وكان من أكابر أمراء الألوف بالديار المصريّة، وفوّض السلطان الملك المنصور لاچين أمر الجامع المذكور وأوقافه إليه فعمّره وعمّر وقفه وأوقف عليه عدّة قرى، وقرّر فيه دروس الفقه والحديث والتفسير والطّبّ وغير ذلك، وجعل من جملة ذلك وقفا يختص بالدّيكة التى تكون فى سطح الجامع المذكور فى مكان مخصوص بها، وزعم أن الدّيكة تعين الموقّتين وتوقظ المؤذّنين فى السّحر، وضمّن ذلك كتاب الوقف؛ فلمّا قرئ كتاب الوقف على السلطان وما شرطه أعجبه جميعه. فلما انتهى إلى ذكر الدّيكة أنكر السلطان ذلك، وقال: أبطلوا هذا لئلّا يضحك اناس علينا، وأمضى ما عدا ذلك من الشروط. والجامع المذكور عامر بالأوقاف المذكورة إلى يومنا هذا، ولولاه لكان دثر وخرب، فإنّ غالب ما كان أوقفه صاحبه أحمد بن طولون خرب وذهب أثره، فجدّده لاچين هذا وأوقف عليه هذه الأوقاف الجمّة، فعمّر وبقى إلى الآن. انتهى.