من جهة المظفّر وطلب منك اليمين له، فقدّم النيّة أنّك مجبور ومغصوب واحلف.
ولا تقطع كتبك عنى فى كلّ وقت، وعرّفنى بجميع ما يجرى من الأمور قليلها وكثيرها.
وكذلك كتب فى كتاب قبجق وأسندمر، فعرف قرا سنقر مضمون كتابه وسكت.
ثم بعد قليل وصل إلى قرا سنقر من الملك المظفّر بيبرس تقليد بنيابة حلب وبلادها دربست «١» على يد أمير «٢» من أمراء مصر. ومن مضمون الكتاب الذي من المظفّر إلى قرا سنقر: أنت خشداشى، ولو علمت أنّ هذا الأمر يصعب عليك ما عملت شيئا حتّى أرسلت إليك وأعلمتك به، لأنّ ما فى المنصوريّة أحد أكبر منك، غير أنّه لما نزل ابن أستاذنا عن الملك اجتمع الأمراء والقضاة وكافّة الناس، وقالوا:
ما لنا سلطان إلّا أنت، وأنت تعلم أنّ البلاد لا تكون بلا سلطان، فلو لم أتقدّم أنا كان غيرى يتقدّم [وقد وقع ذلك «٣» ] ! فاجعلنى واحدا منكم ودبّرنى برأيك. وهذه حلب وبلادها دربست لك، وكذا لخشداشيتك: الأمير قبجق والأمير أسندمر.
وسيّر الملك المظفّر لكلّ من هؤلاء الثلاثة خلعة بألف دينار، وفرشا قماشه بألف دينار، وعشرة رءوس من الخيل. فعند ذلك حلف قراسنقر وقبجق وأسندمر، ورجع الأمير المذكور إلى مصر بنسخة اليمين. فلمّا وقف عليها الملك المظفّر فرح غاية الفرح، وقال: الآن تمّ لى الملك. ثم شرع من يومئذ فى كشف أمور البلاد وإزالة المظالم والنظر فى أحوال الرعيّة.
ثم استهلّت سنة تسع وسبعمائة، وسلطان الديار المصريّة الملك المظفّر ركن الدين بيبرس الجاشنكير المنصورىّ، والخليفة المستكفى بالله أبو الربيع سليمان، ونائب