وفيها توفى جرير [بن] الخطفي، وهو جرير بن عطية بن حذيفة «١» بن بدر بن سلمة أبو حزرة التميمي البصري الشاعر المشهور، هو من الطبقة الأولى من شعراء الإسلام، مدح يزيد بن معاوية ومن بعده من الأمويين.
قال محمد بن سلام: ذاكرت مروان بن أبي حفصة فقال:
ذهب الفرزدق بالفخار وإنما ... حلو القريض ومره لجرير
وعن هشام بن الكلبي عن أبيه: أن أعرابياً مدح عبد الملك بن مروان فأحسن فقال له عبد الملك: [هل] تعرف أهجى بيتٍ في الإسلام؟ قال: نعم، قول جرير:
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
قال: أصبت، فهل تعرف أرق بيت قيل في الإسلام؟ قال: نعم، قول جرير:
إن العيون التي في طرفها مرض ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله إنسانا
قال: أحسنت؛ فهل تعرف جريراً؟ قال: لا والله؟ وإني إلى رؤيته لمشتاق، قال: فهذا جرير وهذا الأخطل وهذا الفرزدق، فأنشأ الأعرابي يقول:
فحيا الإله أبا حزرةٍ ... وأرغم أنفك يا أخطل
وجد الفرزدق أتعس به ... ودقّ خياشيمه الجندل
فأنشأ الفرزدق يقول:
بل أرغم الله أنفا أنت حامله ... ياذا الخنا ومقال الزور والخطل