عنه لكونه لم يخرج من بلاده، ورسم له بإمرة طبلخاناة بدمشق، وأن يكون طرخانا «١» يقيم حيث شاء، وكتب له بذلك توقيع شريف.
ثم فى هذه السنة وقع الوباء بالديار المصرية، الى أوائل سنة اثنتين وستين وسبعمائة، ومات فى هذا الوباء جماعة كثيرة من الأعيان وغيرهم، وأكثرهم كان لا يتجاوز مرضه أربعة أيام الى خمسة، ومن جاوز ذلك يطول مرضه، وهذا الوباء يقال له: الوباء الوسطىّ (أعنى بين وباءين) .
وفى هذه الأيام عظم يلبغا العمرى فى الدولة حتى صار هو المشار اليه، وثقلت وطأته على أستاذه الملك الناصر حسن، مع تمكّن الملك الناصر فى ملكه، وكان يلبغا العمرى وطيبغا الطويل وتمان تمرهم أعظم أمرائه وخاصّكيّته من مماليكه.
فلمّا أن استهلت سنة اثنتين وستين وسبعمائة بلغ الملك الناصر أنّ يلبغا ينكر عليه من كونه يعطى الى النساء الإقطاعات الهائلة، وكونه يختص بالطواشية ويحكّمهم فى المملكة وأشياء غير ذلك، وصارت الخاصكيّة ينقلون للسلطان عن يلبغا أمورا قبيحة فى حقّه فى مثل هذا المعنى وأشباهه، فتكلّم الملك الناصر حسن مع خواصّه بما معناه: إنه قبض على أكابر أمرائه من مماليك أبيه، حتى استبدّ بالأمر من غير منازع، وأنشأ مماليكه مثل يلبغا المذكور وغيره، حتى يسلم من معارض، فصار يلبغا يعترض عليه فيما يفعله، فعظم عليه ذلك وندم على ترقيه، وأخذ يترقّب وقتا يمسك يلبغا فيه.