واتّفق بعد ذلك أن السلطان حسنا خرج الى الصيد ببرّ الجيزة بالقرب من الهرمين «١» ، وخرجت معه غالب أمرائه يلبغا وغيره على العادة، فلمّا كان يوم الثلاثاء ثامن «٢» جمادى الأولى من سنة اثنتين وستين المذكورة، أراد السلطان القبض على يلبغا لما بلغه عن يلبغا أنه يريد الركوب عليه هناك، فصبر السلطان حسن حتى دخل الليل، فركب ببعض خاصّكيّته من غير استعداد ولا اكتراث بيلبغا، وسار يريد يكبس على يلبغا بمخيّمه فنمّ بعض خاصّكيّة السلطان بذلك الى يلبغا، فاستعدّ يلبغا بمماليكه وحاشيته لقتاله، وطلب خشداشيته وواعدهم بالإمريات والإقطاعات، وخوّفهم عاقبة أستاذهم الملك الناصر حسن المذكور، حتى وافقه كثير منهم، كلّ ذلك والملك الناصر فى غفلة استخفافا بمملوكه يلبغا المذكور، حتى قارب السلطان خيمة يلبغا، خرج اليه يلبغا بمن معه وقاتله، فلم يثبت السلطان لقلّة من كان معه من مماليكه، وانكسر وهرب وعدّى النيل وطلع الى قلعة الجبل فى الليل، هى ليلة الأربعاء «٣» التاسع من جمادى الأولى من سنة اثنتين وستين المذكورة، وتبعه يلبغا ومن معه يريد القلعة، فاعترضه ابن المحسنى أحد أمراء الألوف بمماليكه، ومعه الأمير قشتمر المنصورى، وواقعا يلبغا ببولاق وقعة هائلة، انكسر فيها يلبغا مرتين، وابن المحسنىّ يتقدّم عليه، كلّ ذلك وابن المحسنىّ ليس له علم من السلطان أين ذهب، بل بلغه أنه توجه إلى جهة القلعة، فأخذ فى قتال يلبغا وتعويقه عن المسير إلى جهة القلعة، واشتدّ القتال بين يلبغا وابن المحسنىّ حتى أردف يلبغا الأمير ألجاى اليوسفىّ حاجب الحجّاب وغيره، فانكسر عند ذلك ابن المحسنى وقشتمر،