وقيل: إنّ يلبغا لمّا رأى شدّة ابن المحسنى فى القتال دسّ عليه من رجّعه عن قتاله وأوعده بأوعاد كثيرة، منها أنه لا يغير عليه ما هو فيه فى شىء من الأشياء خوفا «١» من طلوع النهار قبل أن يدرك القلعة، وأخذ السلطان الملك الناصر حسن، لأنّ الناصر كان طلع إلى قلعة الجبل فى الليل، ولم يشعر به أحد من أمرائه ومماليكه وخواصّه، وصاروا فى حيرة من عدم معرفتهم أين توجّه السلطان، حتى يكونوا معه على قتال يلبغا، وعلم يلبغا أنه متى تعوّق فى قتال ابن المحسنى إلى أن يطلع النهار، أتت العساكر الملك الناصر من كل فجّ، وذهبت روحه، فلما ولّى ابن المحسنى عنه انتهز يلبغا الفرصة بمن معه وحرّك فرسه وصحبته من وافقه إلى جهة القلعة، حتى وصل إليها فى الليل. والله أعلم.
وأمّا أمر السلطان حسن، فإنه لمّا انكسر من مملوكه يلبغا وتوجّه إلى قلعة الجبل، حتى وصل إليها فى الليل، ألبس مماليكه المقيمين بالقلعة، فلم يجد لهم خيلا لأنّ الخيول كانت فى الربيع، وبينما هو فى ذلك طرقه يلبغا قبل أن يطلع النهار وتجتمع العساكر عليه، فلم يجد الملك الناصر قوّة للقائه، فلبس هو وأيدمر الدوادارى زى الأعراب ليتوجّها إلى الشام ونزلا من القلعة وقت التسبيح، فلقيهما بعض المماليك فأنكروا عليهما وأمسكوهما فى الحال، وأحضروهما إلى بيت الأمير شرف الدين [موسى «٢» ] بن الأزكشى أستادار العالية، فحملهما فى الوقت إلى يلبغا حال طلوع يلبغا إلى القلعة، فقتلهما يلبغا فى الحال قبل طلوع الشمس.
وكان عمر السلطان حسن يوم قتل نيّفا على ثلاثين سنة تخمينا، وكانت مدّة ملكه فى سلطنته هذه الثانية ستّ سنين وسبعة أشهر [وسبعة «٣» أيام] وكان قتله وذهاب