للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان تركوا الإسكندرية وهربوا، ففرح الناس بذلك، ورسم السلطان بعمارة ما تهدّم من الإسكندرية «١» وإصلاح أسوارها وأخلع السلطان على الشريف بكتمر بنيابة الإسكندرية وأعطاه إمرة مائة وتقدمة ألف وبكتمر هذا هو أوّل نائب ولى نيابة الإسكندرية من النوّاب، وما كانت أوّلا إلا ولاية، فمن يومئذ عظم قدر نوّابها وصار نائبها يسمى ملك الأمراء ثمّ أمر يلبغا فنودى بمصر والقاهرة بأن البحّارة والنّفاطة كلّهم يحضرون إلى بيت الأتابك يلبغا للعرض والنّفقة ليسافروا فى المراكب التي تنشأ، وبدأ يلبغا في عمارة المراكب وبعث مراسيم إلى سائر البلاد الشامية والحلبية بإخراج جميع النجّار بن وكلّ من يعرف يمسك منشارا بيده، ولا يترك واحد منهم، وكلّهم يخرجون إلى جبل شغلان وهو جبل عظيم فيه أشجار كثيرة من الصّنوبر والقرو ونحو ذلك، وهذا الجبل بالقرب من مدينة أنطاكية «٢» ، وأنهم يقطعون الألواح وينشرون الأخشاب للمراكب ويحملونها إلى الديار المصرية، فامتثل نائب حلب ذلك وفعل ما أمر به ووقع الشروع في عمل المراكب.

هذا، وقد ثقل على يلبغا وطاة خشداشه طيبغا الطويل فأراد أن يستبدّ بالأمر وحده وأخذ يلبغا يدبّر عليه في الباطن. ولقد حكى لى بعض من رآهما قال:

كانا ينزلان من الخدمة السلطانية معا، فتقول العامّة: يا طويل حسّك من هذا القصير! فكان طيبغا يلتفت إلى يلبغا ويقول له وهو يضحك: ما يقولون هؤلاء! فيقول يلبغا: هذا شأن العامة يثيرون الفتن. انتهى.