وتوفّى الخليفة أمير المؤمنين المعتصم بالله زكريا بن إبراهيم بن محمد بن أحمد- وهو مخلوع من الخلافة- فى رابع عشرين جمادى الأولى، وقد تقدم ذكر ولايته للخلافة فى أيام أينبك البدرى «١» ، بعد قتل الملك الأشرف شعبان بن حسين فى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، ثم خلع حتى ولاه الملك الظاهر برقوق ثانيا بعد موت أخيه الواثق، فلم تطل مدته أيضا، وخلعه الملك الظاهر من الخلافة فى أول جمادى الأولى من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وأعاد المتوكل على الله، فاستمرّ المعتصم هذا معزولا طول عمره إلى أن مات فى هذه السنة، وخلافته الأولى والثانية لم تطل مدته فيهما- انتهى.
وتوفّى الأمير سيف الدين شيخ بن عبد الله الصّفوىّ الخاصّكىّ «٢» ، أمير مجلس، وهو مسجون بسجن المرقب «٣» ، وكان ممن رقاه الملك الظّاهر برقوق إلى أن جعله أمير مائة ومقدّم ألف فى سلطنته الثانية، وجعله أمير مجلس، ثمّ قبض عليه فى سنة ثمانمائة، وأنعم بإقطاعه على الوالد بعد عزله عن نيابة حلب، وأخرجه الملك الظاهر إلى القدس بطّالا، فساءت سيرته بها، وكان مسرفا على نفسه منغمسا فى اللذات، فأمر الملك الظاهر به فنقل من القدس إلى حبس المرقب إلى أن مات به، قلت: وشيخ هذا هو أول أمير عظيم فى دولة الملك الظاهر برقوق ممن سمّى بهذا الاسم، ثم بعده شيخ المحمودىّ الساقىّ، أعنى الملك المؤيد، ثم بعده شيخ السّليمانىّ المسرطن نائب طرابلس، فهؤلاء الثلاثة هم أعظم من سمّى بهذا الاسم، ثم جاء بعدهم فى الدولة الأشرفيّة- برسباى- اثنان: شيخ الأمير آخور الثانى مملوك بيبرس الأتابك، وشيخ الحسنىّ الحسنىّ الظاهرىّ أمير عشرة ورأس نوبة، وهما كلا شىء بالنسبة إلى هؤلاء الثلاثة- انتهى.