ودام على سيره حتى طرق شيخا على حين غفلة، وقد عبأ شيخ عساكره، فأوقف المصريين ناحية: أعنى الذين فرّوا إليه من الملك الناصر، وجعل عليهم الأمير تمراز النائب، ووقف هو فى ثقاته وخواصه، وهم نحو خمسمائة نفر، فتقدّم السلطان وصدم بعساكره الأمير تمراز بمن معه- وكانوا جمعا كبيرا- فانكسروا من أوّل وهلة، ثم مال على الأمير شيخ وأصحابه، وقد تقهقر شيخ وأصحابه إلى جهة القلعة، فكان بينهم معركة صدرا من النهار، وهو يتأخر إلى المدينة، وأصحابه تتسلّل منه، وصار القتال يجدران مدينة صرخد، ولا زال شيخ يتأخر بمن معه، والملك الناصر يتقدّم بمن معه، حتى ملك وطاق شيخ وانتهب جميع ما كان فيه من خيل وقماش وغيرها، ثمّ هرب شيخ إلى داخل جدران المدينة، واستولى السلطان على جامع صرخد، وأصعد أصحابه فرموا من أعلى المنارة بمكاحل «١» النفط والمدافع والأسهم الخطائية «٢» على شيخ، وشيخ يلوم أصحابه ويوبّخهم على ما أشاروا عليه من قتال الملك النّاصر، ثمّ حمل السلطان عليه حملة منكرة بنفسه، فلم يثبت شيخ وانهزم والتجأ فى نحو العشرين من أصحابه إلى قلعة صرخد، وكانت خلف ظهره وقد أسند عليها، فتسارع إليه عدّة من أصحابه، وتمزّق باقيهم، وطلع شيخ إلى قلعة صرخد فى أسوإ حال، وأحاط السّلطان على المدينة، ونزل حول القلعة، وأتاه الأمراء فقبّلوا الأرض بين يديه، وهنّئوه بالظفر والنّصر، وامتدّت أيدى السلطانية إلى مدينة صرخد، فما تركوا بها لأهلها جليلا ولا حقيرا، وانطلقت ألسنة أهل صرخد بالوقيعة فى شيخ وأصحابه، وأكثروا له التوبيخ بكلام معناه أنه إذا لم يكن له قوّة ما باله يقاتل من لم يطق دفعه وقتاله، وسار الأمير تمراز، وسودون بقجة، وسودون الجلب،