للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسودون المحمدىّ، وتمربغا المشطوب، وعلّان فى عدة كبيرة إلى دمشق، فقدموها يوم الاثنين تاسعه، فقاتلتهم العامّة ودفعوهم عنها، وأسمعوهم من المكروه أضعاف ما سمعه شيخ بصرخد، فولوا يريدون جهة الكرك وهم فى أحقر ما يكون من الأحوال، وساروا عن دمشق بعد ما قتل منهم جماعة، وجرح جماعة، وتأخّر كثير منهم بظواهر دمشق، ومضى منهم جماعة إلى حماة، والجميع فى أنحس حال، وأخذ منهم جماعة كثيرة بدمشق وغيرها.

ولمّا دخلت الأمراء على السّلطان الملك الناصر للتّهنئة حسبما ذكرناه التفت السّلطان للوالد، وكان يسمّيه أطا: أعنى أب، وقال له: يا أطا، أنا ما قلت لك أنا أعرف شيخا، إذا كان معى عشرة مماليك قاتلته بهم، ثم تكلّم فى حقّ شيخ بما لا يليق ذكره، فقال له الوالد: يا مولانا السّلطان، هذا كلّه بسعد مولانا السّلطان، وعظم مهابته، وأمّا شيخ فإنّه إذا كان من حزب السّلطان وشمله نظر مولانا السّلطان من ذا يضاهيه فى الفروسيّة؟ غير أنّ للرّعب الذي فى قلبه من حرمة مولانا السّلطان، وغضبه عليه يقع فى مثل هذا أو أكثر.

قلت: وأظهر الملك النّاصر من الشجاعة والإقدام ما سيذكر عنه إلى يوم القيامة، على أنّ غالب أمرائه ومماليكه الأكابر كانوا اتفقوا مع جمال الدين الأستادار أنهم يكبسون عليه ويقتلونه فى اللّيل، وبلغ الملك النّاصر ذلك من يوم خروجه من غزّة، فاحترز على نفسه، وأشار عليه كلّ من خواصّه أن يرجع عن قتال شيخ وأصحابه بحيلة يدبّرها، ويرجع إلى نحو الدّيار المصرية؛ مخافة أن تخذله عساكره، فلم يلتفت إلى كلام أحد، وأبى إلّا قتال شيخ، وهذا شىء مهول عظيم إلى الغاية، وإن كان هو يهول فى السّماع، فإذا تحقّقه الشخص يهوله إلى الغاية؛ من كون عسكر الملك يكون مختلفا عليه وهو يريد يقاتل ملوكا عديدة، كل واحد منهم مرشّح للسّلطنة، وما أظنّ أن بعد الملك الأشرف خليل بن قلاوون ولّى على مصر سلطان أشجع من الملك النّاصر هذا فى ملوك التّرك جميعها. ولقد أخبرنى جماعة كبيرة من أعيان المماليك