وأقام محبوسا بالبرج إلى ليلة السبت سادس عشر صفر المذكور- دخل عليه ثلاثة نفر [هم]«١» الأمير ناصر الدين محمد بن مبارك شاه الطازىّ أخو الخليفة المستعين بالله لأمّه، وآخر من ثقات شيخ، وآخر من أصحاب نوروز، ومعهم رجلان من المشاعلية «٢» ، فعند ما رآهم الملك النّاصر فرج قام إليهم فزعا، وعرف فيما جاءوا ودافع عن نفسه، وضرب أحد الرّجلين بالمدوّرة صرعه، ثمّ قام الرجل هو ورفيقه ومشوا عليه وبأيديهم السكاكين، ولا زالوا يضربونه بالسكاكين المذكورة وهو يعاركهم بيديه وليس عنده ما يدفع عن نفسه به حتى صرعاه بعد ما أثخنا جراحه فى خمس مواضع من بدنه، وتقدّم إليه بعض صبيان المشاعلية فخنقه وقام عنه، فتحرّك الملك الناصر، فعاد إليه وخنقه ثانيا حتى قوى عنده أنه مات، فتحرّك، فعاد إليه ثالثا وخنقه، وفرى أو داجه بخنجر كان معه، وسلبه ما عليه من الثياب، ثمّ سحب برجليه حتى ألقى على مزبلة مرتفعة من الأرض تحت السّماء، وهو عارى البدن، يستر عورته وبعض فخذيه سراويله، وعيناه مفتوحتان، والنّاس تمرّ به ما بين أمير وفقير ومملوك وحر. قد صرف الله قلوبهم عن دفنه ومواراته. وبقيت الغلمان والعبيد والأوباش تعبث بلحيته وبدنه.
واستمرّ على المزبلة المذكورة طول نهار السبت المذكور، فلما كان الليل من ليلة الأحد حمله بعض أهل دمشق وغسّله وكفّنه. ودفنه بمقبرة باب الفراديس»
احتسابا لله تعالى. بموضع يعرف بمرج الدحداح، ولم تكن جنازته مشهودة، ولا عرف من تولّى غسله ومواراته.