للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكانت مدّة ملكه من يوم مات أبوه الملك الظاهر برقوق إلى أن خلع بأخيه الملك المنصور عبد العزيز- حسبما تقدم ذكره- ستّ سنين وخمسة أشهر وأحد عشر يوما، وخلع من السّلطنة بأخيه المذكور سبعين يوما، ومن يوم أعيد إلى السّلطنة بعد خلع أخيه المذكور فى يوم السّبت خامس جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانمائة إلى يوم خلعه المستعين بالله من السلطنة فى يوم السبت خامس عشرين المحرّم من سنة خمس عشرة وثمانمائة ستّ سنين وعشرة أشهر سواء.

فجميع مدة سلطنته الأولى والثانية- سوى أيّام خلعه- ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر وأحد عشر يوما.

وكان الملك النّاصر من أشجع الملوك وأفرسها وأكرمها، وأكثرها احتمالا وأصبرها على العصاة من أمرائه.

حدّثنى بعض أعيان المماليك الظاهريّة: أنه ما قتل أحدا من الظاهريّة ولا غيرهم حتى ركب عليه وآذاه غير مرّة وهو يعفو عنه، وتصديق ذلك أنّه لمّا قبض على الأمير شيخ، والأتابك يشبك الشّعبانىّ بدمشق فى سنة عشر [وثمانمائة] «١» وحبسهما بقلعة دمشق كان يمكنه قتلهما؛ فإنّ ذلك كان بعد ما حارباه فى واقعة السّعيدية وكسراه أقبح كسرة، وأمّا شيخ فإنه كان تكرّر عصيانه عليه قبل ذلك غير مرّة. وقد رأينا من جاء بعده من الملوك إذا ركب عليه أحد مرّة واحدة وظفر به لم يبقه، والكلام فى بيان ذلك من وجوه عديدة يطول الشّرح فيه وليس تحت ذلك فائدة.

ولم أرد بما قلته التعصّب للملك الناصر المذكور؛ فإنه أخذ مالنا وجميع موجود الوالد وتركنا فقراء- يعلم ذلك كلّ أحد- غير أن الحقّ يقال على أى وجه كان.