وكان صفته شابّا معتدل القامة، أشقر، له لثغة فى لسانه بالسّين، غير أنّه كان أفرس ملوك التّرك بعد الملك الأشرف خليل بن قلاون بلا مدافعة.
قلت: ولنذكر هنا من مقالة الشيخ تقىّ الدين المقريزى فى حقّه من المساوى نبذة برمتها، وللنّاظر فيها التّأمل قال:
«وكان النّاصر أشأم ملوك الإسلام؛ فإنّه خرّب بسوء تدبيره جميع أراضى مصر وبلاد الشّام من حيث يصبّ النّيل إلى مجرى الفرات، وطرق الطاغية تيمور بلاد الشّام فى سنة ثلاث وثمانمائة، وخرّب حلب وحماة وبعلبكّ ودمشق، حتىّ صارت دمشق كوما ليس بها دار.
وقتل من أهل الشام مالا يحصى عدده، وطرق ديار مصر الغلاء من سنة ست وثمانمائة، فبذل أمراء دولته جهدهم فى ارتفاع الأسعار؛ بخزنهم الغلال وبيعهم لها بالسّعر الكثير، ثم زيادة أطيان أراضى مصر حتى عظمت كلفته، وأفسدوا مع ذلك النّقود بإبطال السكّة الإسلامية من الذّهب، والمعاملة بالدّنانير المشخّصة التى هى ضرب النّصارى، ورفعوا سعر الذّهب حتى بلغ إلى مائتين وأربعين [درهما] «١» كلّ مثقال، بعد ما كان بعشرين درهما، ومكّسوا كل شىء، وأهمل عمل الجسور بأراضى مصر، وألزم النّاس أن يقوموا عنها بالأموال التى تجبى منهم، وأكثر وزراؤه من رمى البضائع على التجّار ونحوهم بأغلى الأثمان، وكلّ ذلك من سعد الدين بن غراب، وجمال الدين يوسف الأستادار وغيرهما؛ فكانا يأخذان الحقّ والباطل ويأتيان له به لئلا يعزلهم من وظائفهم، ثمّ ماتوا، فتمّ هو على ذلك يطلب المال من المباشرين فيسدون بالظلم، فخربت البلاد لذلك، وفشا أخذ أموال النّاس. هذا مع