للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء بعقب هذا الثّلج والرّيح أمطار كالبحار، وتيمور مع ذلك لا يرقّ لأحد، ولا يبالى بما نزل بالناس، بل يجدّ فى السّير، فما أن وصل تيمور إلى مدينة أترار حتى هلك خلق كثير من قوّة سيره.

ثمّ أمر تيمور أن يستقطر له الخمر حتى يستعمله بأدوية حارّة وأفاويه لدفع البرد وتقوية الحرارة، فعمل له ما أراد من ذلك.

فشرع تيمور يستعمله ولا يسأل عن أخبار عساكره وما هم فيه، إلى أن أثّرت حرارة ذلك وأخذت فى إحراق كبده وأمعائه، فالتهب مزاجه حتى ضعف بدنه، وهو يتجلد ويسير السّير السّريع، وأطبّاؤه يعالجونه بتدبير مزاجه إلى أن صاروا يضعون الثلج على بطنه؛ لعظم ما به من التلهب وهو مطروح مدة ثلاثة أيام، فتلفت كبده، وصار يضطرب ولونه يحمرّ، ونساؤه وخواصّه فى صراخ، إلى أن هلك إلى لعنة الله وسخطه، فلبسوا عليه المسوح، ومات ولم يكن معه أحد من أولاده سوى حفيده سلطان خليل ابن ميران شاه بن تيمور وسلطان حسين ابن أخته، فأرادا كتمان موته فلم يخف ذلك على الناس، فتسلطن خليل المذكور بعد جده تيمور، وبذل الأموال، وعاد إلى سمرقند برمّة جده تيمور.

فخرج النّاس إلى لقائه لابسين المسوح بأسرهم، وهم يبكون وبصرخون، ودخل ورمّة تيمور بين يديه فى تابوت أبنوس «١» ، والملوك والأمراء وكافة النّاس مشاة بين يديه، وقد كشفوا رءوسهم وعليهم المسوح، إلى أن دفنوه على حفيده محمد سلطان بمدرسته وأقيم عليه العزاء