ثمّ خلع الأمير شيخ على دواداره جقمق الأرغون شاوىّ واستقرّ به دوادار الخليفة؛ حتى لا يتمكن الخليفة من شىء يعمله، وكان دواداره قبل ذلك أخوه ناصر الدين محمد بن مبارك شاه الطازىّ بإمرة طبلخاناة، فصار جقمق كالدّوادار الثانى له، وفى الحقيقة ترسيما عليه، فعند ذلك صار للخليفة الاسم فى السّلطنة لا غير، وما عدا ذلك متعلق بالأمير شيخ، وصار الخليفة مستوحشا بعياله فى تلك القصور الواسعة بقلعة الجبل، وضاق صدره من عدم ترداد الناس إليه، وندم على دخوله فى هذا الأمر حيث لا ينفعه النّدم، وصار لا يمكنه الكلام لعدم من يقوم بنصرته من الأمراء وغيرهم، فسكت على مضض.
ثم إنّ الأمير شيخا خلع على الأمير قانى باى المحمّدى، وعلى الأمير سودون من عبد الرحمن- المعزول عن نيابة غزّة- خلع الرّضى من غير وظيفة، ثمّ خلع على سعد الدين إبراهيم بن البشيرىّ باستقراره وزيرا على عادته، وخلع على بدر الدين حسن بن نصر الله الفوّى باستقراره فى نظر الجيش على عادته، وخلع على تقىّ الدين عبد الوهاب بن أبى شاكر باستقراره ناظر الخاصّ على عادته، ثمّ خلع على التّاج بن سيفا الشّوبكىّ القازانىّ باستقراره والى القاهرة عوضا عن أرسلان، فعدّ ذلك من أوّل سيئات الأمير شيخ، وعظم ذلك على أعيان الدّولة لعدم أهليّة التّاج المذكور لذلك، ثمّ فى ثامن شهر ربيع الآخر المذكور أخرج الأمير شيخ عدة بلاد من أوقاف الملك النّاصر فرج الموقوفة المحبسة، منها قرية منبابة بالجيزة تجاه بولاق، وكان أوتفها الملك الناصر على التربة الظّاهريّة، وناحية دنديل «١» ، وكانت أيضا [موقوفة «٢» ] على التّربة المذكورة، وأخرج عدة رزق كثيرة، [وهى]«٣» التى كان الناصر أخرجها وأوقفها فى سلطنته.