مكتوب على بعض الحيطان، وقد كتب الدّهّان الشّين من اسم شيخ بجرّة واحدة، فلما نظره المؤيّد قال: مسكين شيخ بلا سنينات، وله أشياء كثيرة من ذلك.
وكان يشارك الفقهاء فى أبحاثهم ويتصوّر أقوالهم ويطرح عليهم المسائل المشكلة، هذا مع ميله لأرباب الكمالات من كل علم وفنّ، وتعجبه المداعبة اللطيفة.
حدثنى القاضى كمال الدين بن البارزىّ كاتب السرّ الشريف بالديار المصرية- رحمه الله- قال: كان المؤيّد جالسا بالبارزيّة «١» على المقعد المطلّ على النيل، ومحمود بن الأمير قلمطاى الدّوادار واقفا بجانبه، ووالدى من جهة أخرى وهو يقرأ القصص على السّلطان، وكان فى جملة القصص قصة الشيخ عاشق محمود العجمى أحد ندماء السلطان، فلما قرأ الوالد قصة عاشق محمود قال: المملوك، وأشار بيده إلى نفسه، ثم قال: عاشق محمود، وأشار بإصبعه إلى محمود بن قلمطاى- وكان من أجمل الناس صورة- فلم يفطن لذلك أحد غير السلطان، فضحك وقال: تموت بهذه الحسرة.
وحدّثنى بعض أعيان المؤيدية قال: كان الأمير طوغان الأمير آخور أرسل إلى جانى بك الساقى أحد خواصّ الملك المؤيد ألف دينار ليزوره، فعرّف جانى بك المذكور السلطان بذلك، فاشتدّ غضب السلطان وأرسل فى الحال خلف طوغان المذكور، فلما تمثّل بين يديه سأله السلطان عن ذلك، فقال طوغان: نعم أرسلت إليه ألف دينار، وو الله العظيم لو لم يكن مملوكك لكنت ترسل أنت إليه عشرة آلاف دينار، فتلومنى أن أرسلت إليه ألف دينار؟! - يقول ذلك وهو فى غاية الحنق- فزال غضب الملك المؤيّد وضحك حتى استلقى على قفاه، كل ذلك وهو محتفظ على ناموس الملك والسّير على ترتيب من تقدّمه من الملوك فى سائر أموره وحركاته.
وقد تسلطن وأحوال المملكة غير مستقيمة مما جدّده الملك الناصر فرج من الوظائف والاستكثار من الخاصّكيّة، حتى إن خاصّكيّته زادت عدّتهم على ألف نفر.