مدّته به حتى مات الملك المؤيد، وتحكّم ططر، فكتب بحضوره إلى القاهرة، وكان له منذ خرج من الدّيار المصرية نحو العشرين سنة، فإنّه جرح فى نوبة بركة الحبش من سنة أربع وثمانمائة «١» الجرح الذي كان سببا لعرجه، وخرج من القاهرة، ودام بالبلاد الشاميّة إلى يوم تاريخه.
قلت: ويشبك هذا هو الذي صار أتابكا بالديار المصرية فى دولة الملك الأشرف برسباى، وهو الذي حسّن للملك الأشرف [برسباى]«٢» الاستيلاء على بندر جدّة «٣» حتى وقع ذلك، وكان يشبك من رجال الدهر عقلا وحزما ورأيا وتدبيرا، لم تر عينى مثله فى أبناء جنسه، ويأتى ذكره فى محلّه إن شاء الله تعالى- انتهى.
ثم قدم أيضا سودون الأعرج الظاهرىّ من قوص «٤» ، وكان الملك المؤيّد أيضا قد نفاه إليها من سنين عديدة، وكان سودون أيضا من أعيان المماليك الظاهرية برقوق، وفى ظنّه أنه من مقولة الأمير يشبك الأعرج، والأمر بخلاف ذلك، والفرق بينهما ظاهر.
ثم أفرج الأمير ططر نظام الملك عن الأمير ناصر الدين بك بن على بك بن قرمان، وخلع عليه، ورسم بتجهيزه ليعود إلى مملكته، فتجهّز وسار فى النّيل يوم السبت سادس عشرين صفر إلى ناحية رشيد «٥» ليركب منها إلى البحر الملح ويتوجّه إلى جهة بلاده.
ثم فى يوم الأربعاء أوّل شهر ربيع الأول قدم الخبر على الأمير ططر على يد بعض الشاميّين ومعه كتاب الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى من حلب، وهو يتضمّن: أنه لما قتل الأمير يشبك نائب حلب ولّى عوضه الأمير ألطنبغا من عبد الواحد