طرباى نزل فى الحال من القلعة مظهرا أنه فى طاعة الأمير الكبير جانى بك الصّوفى، وأن برسباى وقصروه وغيرهما فى تجهيز أمرهم بعده إلى النزول، فمشى عليه ذلك.
وكان أمر الامير طرباى فى الباطن بخلاف ما ظنه جانى بك الصوفى؛ فإنه أخذ فى تدبير أمره، وإحكام الأمر للأمير برسباى الدّقماقى ولنفسه، واستمال فى ذلك اليوم كثيرا من الأمراء والمماليك السلطانية، وساعده فى ذلك قلّة سعد جانى بك الصّوفى من نفور الأمراء عنه، وهو ما وعدنا بذكره من أمر سودون من عبد الرحمن مع جانى بك الصّوفى.
وقد تقدّم أن سودون من عبد الرحمن وغيره ممن تقدّم ذكرهم صاروا حزبا يحضر كلّ واحد منهم الخدمة، ثم ينزل إلى داره ليرى ما يكون بعد ذلك، ثم بدا لهم أن يكونوا من حزب جانى بك الصّوفى؛ كونه أتابك العساكر ومرشحا إلى السلطنة، بعد أن يكلّموه فى أمر، فإن قبله كانوا من حزبه، وإن لم يفعل مالوا إلى برسباى وطرباى؛ والذي يكلّموه بسببه هو الأمير يشبك الجكمىّ الأمير آخور؛ فإنهم لمّا كانوا عند قرا يوسف بالشرق ثم جاءهم أمير يشبك المذكور أيضا فارا من الحجاز خوفا من الملك المؤيّد، أكرمه قرا يوسف زيادة على هؤلاء- تعطفا من الله- والذين كانوا قبله عند قرا يوسف، هم سودون من عبد الرحمن وطرباى وتنبك البجاسىّ وجانى بك الحمزاوى، وموسى الكركرى وغيرهم.
وكل منهم ينظر يشبك المذكور فى مقام مملوكه، كونه مملوك خشداشهم جكم، فشقّ عليهم خصوصيته عند قرا يوسف وانفراده عنهم، ووقعت المباينة بينهم، ولم يسعهم يوم ذاك إلا السكات لوقته.
فلمّا مات قرا يوسف- وبعده بقليل توفى الملك المؤيّد- قدموا الجميع على