ططروهم فى أسوا حال، فقرّبهم ططر وأكرمهم، واختص أيضا بيشبك المذكور اختصاصا عظيما بحيث إنه ولّاه الأمير آخورية الكبرى، وعقد عقده على ابنته خوند فاطمة التى تزوّجها الملك الأشرف برسباى، فلم يسعهم أيضا إلا السكات، لعظم ميل ططر إليه.
فلما مات ططر انضم يشبك المذكور على جانى بك الصّوفى وصار له كالعضد، فعند ذلك وجد الأمراء المقال فقالوا، وركب الأمير سودون من عبد الرحمن والأمير قرمش الأعور- وهو من أصحاب جانى بك الصّوفى- وواحد «١» آخر، وأظنّه بيبغا المظفرى، ودخلوا على جانى بك الصّوفى بالحرّاقة من باب السّلسلة، ومرّوا فى دخولهم على يشبك الأمير آخور وهو فى أمره ونهيه بباب السّلسلة، فقام إليهم فلم يسلّم عليه سودون من عبد الرحمن، وسلّم عليه قرمش والآخر، وعند ما دخلوا على الأتابك جانى بك الصّوفى وسلّموا عليه وجلسوا كان متكلم القوم سودون من عبد الرحمن، فبدأ بأن قال: أنا، والأمراء نسلم عليك، ونقول لك أنت كبيرنا [ورأسنا]«٢» وأغاتنا، ونحن راضون بك فيما تفعل وتريد، غير أن هذا الصبى يشبك مملوك خشداشنا جكم ليس هو منا، وقد وقع عنه قلة أدب فى حقنا ببلاد الشّرق عند قرا يوسف، ثم هو الآن أمير آخور كبير منزلته أكبر من منازلنا، ونحن لا نرضى بذلك، ثم إننا لا نريد من الأمير الكبير مسكه ولا حبسه لكونه انتمى إليه، غير أننا نريد إبعاده عنّا فيوليه الأمير الكبير بعض الأعمال بالبلاد الشاميّة، ثم نكون بعد ذلك جميعا تحت طاعة الأمير الكبير، ونقول قد عاش الملك الظاهر برقوق «٣» ونحن فى خدمته، لأنّنا قد مللنا من الشتات والغربة والحروب فيطمئن كل أحد على نفسه وماله ووطنه.