أن العساكر المصرية لما سارت من القاهرة إلى جهة الشّام لأخذ خرتبرت «١» - وقد مات متولّيها، ونازلها عسكر قرايلك صاحب آمد- فلما وصلوا إلى مدينة حلب ورد عليهم الخبر بأخذ قرايلك قلعة خرتبرت وتحصينها وتسليمها لولده، فأقاموا بحلب إلى أن ورد عليهم الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشام بعساكر دمشق، ثم جميع نوّاب البلاد الشامية بعساكرها، وتشاوروا فى السّير لها، فأجمع رأيهم على المسير، فمضوا بأجمعهم: العسكر المصرى [والعسكر]«٢» الشامى إلى جهة الرّها، فأتاهم بألبيرة كتاب أهل الرّها بطلب الأمان وقد رغبوا فى الطاعة، فأمنوهم وكتبوا لهم كتابا، وساروا من ألبيرة وبين أيديهم مائتا فارس من عرب الطّاعة كشّافة، فوصلت الكشّافة المذكورون إلى الرّها فى شوّال، فوجد والأمير هابيل بن الأمير عثمان بن طرعلى المدعو قرايلك صاحب آمد قد وصل إليها ودخلها وحصنّها وجمع فيها خلائق من أهل الضياع بمواشيهم وعيالهم وأموالهم، فنزلوا عليها فرموهم بالنّشّاب من فوق أسوار المدينة.
فلما رأى هابيل قلّة العرب برز إليهم فى نحو ثلاثمائة رجل من عسكره وقاتلهم فثبتوا له وقاتلوه، فقتل بين الفريقين جماعة والأكثر من العرب، فأخذ هابيل رءوسهم وعلقها على أسوار المدينة، وبينماهم فى ذلك «٣» أدركهم العسكر المصرى والشامىّ ونزلوا على ظاهر الرّها يوم الجمعة العشرين من شوال، فوجدوا هابيل قد حصّن المدينة، وجعل جماعة من عساكره على أسوارها، فلما قرب العسكر من سور مدينة الرّها رماهم الرّجال من أعلى السور بالنّشّاب والحجارة، فتراجع العسكر عنهم ونزلوا بخيامهم إلى بعد الظهر، فركبوا الجميع وأرسلوا إلى أهل الرّها بالأمان، وأنهم إن لم