للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم وجد فى هذا الشهر بنيل مصر والبرك كثير من السمك والتماسيح قد طفت على وجه الماء ميتة واصطيدت [سمكة تسمى] «١» بنيه كبيرة فإذا هى كأنما صبغت بدم من شدّة ما بها من الاحمرار، ثم وجد فى البرّيّة ما بين السويس والقاهرة عدة كبيرة من الظّباء والذئاب موتى.

ثم قدم الخبر بوقوع الوباء أيضا ببلاد الفرنج.

[ثم «٢» ] فى يوم الخميس سلخه ضبطت عدّة الأموات التى صلّى عليها بمصليات القاهرة وظواهرها فبلغت ألفين ومائة، ولم يرد منها فى أوراق الدّيوان غير أربعمائة ونيّف، وببولاق سبعين، وفشا الطاعون فى الناس، وكثر بحيث إن ثمانية عشر إنسانا من صيّادى السّمك كانوا فى موضع [واحد] «٣» فمات منهم فى يوم واحد أربعة عشر، ومضى الأربعة ليجهّزوهم إلى القبور فمات منهم وهم مشاة ثلاثة، فقام الواحد بشأن الجميع حتى أوصلهم إلى القبور فمات هو أيضا. قاله الشيخ تقي الدين المقريزى فى تاريخه، ثم قال [أيضا] «٤» : وركب أربعون رجلا فى مركب وساروا من مدينة مصر نحو بلاد الصّعيد فماتوا بأجمعهم قبل وصولهم إلى الميمون، ومرّت امرأة من مصر تريد القاهرة وهى راكبة على مكارى فماتت وهى راكبة وصارت ملقاة بالطريق يومها كلّه حتى بدأ يتغيّر ريحها فدفنت ولم يعرف لها أهل، وكان الإنسان إذا مات تغيّر ريحه سريعا مع شدّة البرد، وشنع الموت بخانقاه سرياقوس حتى بلغت العدّة فى كل يوم نحو المائتين، وكثر أيضا بالمنوفيّة والقليوبيّة حتى كان يموت فى الكفر الواحد متمائة إنسان.

قلت: والذي رأيته أنا فى هذا الوباء أن بيوتا كثيرة خلت من سكّانها مع كثرة عددهم، وأن الإقطاع الواحد كان ينتقل فى مدّة قليلة عن ثلاثة أجناد وأربعة وخمسة، ومات من مماليك الوالد [رحمه الله] «٥» فى يوم واحد أربعة من أعيان الخاصّكيّة، وهم:

أزدمر السّاقى «٦» ، وملج السلاح دار، وبيبرس الخاصّكىّ، ويوسف الرّمّاح؛ ماتوا