الجميع فى يوم واحد، فتحيّرنا بمن نبدأ بتجهيزه ودفنه على اختلاف سكناهم وقلّة التّوابيت والدّكل، وبالله لم أشهد منهم غير يوسف الرّماح، وأرسلت لمن بقى غيرى، مع أنّ كلّ واحد منهم أهل لنزول السلطان للصلاة عليه.
ثم أصبح من الغد مات سنقر دوادار الوالد الثانى، وكان من أكابر الخاصّكيّة من الدّولة المؤيّدية، هذا خلاف من مات منهم من الجمداريّة ومن مماليك الأمراء، وأما من مات من عندنا من المماليك والعبيد والجوارى والخدم فلا يدخل تحت حصر، ومات من أخوتى وأولادهم سبعة أنفس ما بين ذكور وإناث، وأعظمهم أخى إسماعيل؛ فإنه مات وسنه نحو العشرين سنة، وكان من محاسن الدّهر.
قال المقريزى: ثم تزايدت عدّة الأموات عما كانت فأحصى فى يوم الاثنين رابع جمادى الآخرة من أخرج عن أبواب القاهرة فبلغت عدّتهم ألفا ومائتى ميّت سوى من خرج عن القاهرة من أهل الحكور والحسينيّة وبولاق والصّليبة ومدينة مصر والقرافتين والصحراء، وهم أكثر من ذلك، ولم يورد بديوان المواريث بالقاهرة سوى ثلاثمائة وتسعين، وذلك أن أناسا عملوا التوابيت للسّبيل، فصار أكثر الناس يحملون موتاهم عليها ولا يوردون الديوان أسماءهم.
قال: وفى هذه الأيام ارتفعت أسعار الثّياب التى يكفّن بها الأموات، وارتفع سعر سائر ما يحتاج إليه المرضى كالسّكّر وبزر الرّجلة والكمّثرى على أن القليل من المرضى هو الذي يعالج بالأدوية، بل بعضهم يموت موتا سريعا فى ساعة وأقلّ منها، وعظم الوباء فى المماليك السلطانية سكان الطباق بالقلعة الذين كثر فسادهم وشرّهم وعظم عتوّهم وضرهم، بحيث إنه كان يصبح منهم أربعمائة وخمسون مملوكا مرضى فيموت [منهم]«١» فى اليوم زيادة على الخمسين مملوكا- انتهى كلام المقريزى.
قلت: والذي رأيته أنا أنه مات بعض «٢» أعيان الأمراء مقدّمى الألوف، فلم يقدروا