له على تابوت حتى أخذ له تابوت من السّبيل، وأما الأخ [رحمه الله]«١» فإنه لما توفّى إلى رحمة الله تعالى وجدنا له تابوتا، غير أنه لا عدّة فيه، فلما وضع الأخ فيه طرح عليه سلّارى سمّور من قماشه، على أن الغاسل أخذ من عليه قماشا يساوى عشرين ألف «٢» درهم، ومع هذا لم ينهض أهل الحانوت بكسوة تابوته.
وبلغ عدّة من صلى عليه من الأموات بمصلّى باب النصر فى يوم الأحد عاشر جمادى الآخرة خمسمائة وخمسة، وقد أقام هناك جماعة كبيرة بأدوية وأقلام لضبط ذلك، وبطل الصلاة بالصلاة وإنما صار الناس يصلون على أمواتهم صفّا واحدا من باب المصلّى إلى تجاه باب دار الحاجب، فكان يصلّى على الأربعين والخمسين معا دفعة واحدة، ومات لشخص بخدمتنا يسمّى شمس الدين الذّهبى ولد فخرجنا معه إلى المصلّى، وكان سنّ الميّت دون سبع سنين، فلما أن وضعناه للصّلاة عليه بين الأموات جىء «٣» بعدّة كبيرة أخرى إلى أن تجاوز عددهم الحدّ، ثم صلّى على الجميع، وتقدمنا لأخذ الميّت المذكور «٤» فوجدنا غيرنا أخذه وترك لنا غيره فى مقدار عمره، فأخذه أهله ولم يفطنوا به، ففهمت أنا ذلك، وعرّفت جماعة أخر ولم نعلم أباه بذلك، وقلنا لعلّ الذي أخذه يواريه أحسن مواراة، وليس للكلام فى ذلك فائدة غير زيادة فى الحزن، فلما دفن الصّبىّ وأخذ أهل الحانوت التّابوت صاحوا وقالوا: ليس هذا تابوتنا هذا عتيق وقماشه أيضا خلق، فأشرت إليهم بالسّكات وهدّدهم بعض المماليك بالضّرب، فأخذوه ومضوا، فكانت هذه الواقعة من الغرائب المهولة، كل ذلك والطاعون فى زيادة ونموّ حتى أيقن كلّ أحد أنه هالك لا محالة، وكنا نخرج من صلاة الجمعة إلى بيتنا وقد وقف جماعة من الأصحاب والخدم فنتعادد إلى الجمعة الثانية فينقص منا عدّة كبيرة ما بين ميّت ومريض، واستسلم كلّ أحد للموت وطابت نفسه لذلك، وقد أوصى وتاب وأناب ورجع عن أشياء كثيرة، وصار غالب الشّباب فى يد