ثم فى يوم الثلاثاء ثامن عشرين جمادى الأولى المذكور، خلع على خواجا كلال رسول شاه رخ خلعة السفر، وقد اعتنى بها عناية لم يتقدم بمثلها لرسول فى زماننا هذا، وهى حرير مخمّل بوجهين: أحمر وأخضر، وطرز زركش، فيه خمسمائة مثقال من ذهب، وأركب فرسا بسرج ذهب، وكنبوش زركش، فى كل منهما خمسمائة دينار، وجهزت صحبته هدية ما بين ثياب حرير سكندرى، وسرج وكنبوش ذهب، وسيوف مسقّطة بذهب، وغير ذلك مما تبلغ قيمته سبعة آلاف دينار؛ هذا بعد أن بلغت النفقة من السلطان على الرسول المذكور ورفقته، نحو خمسة عشر ألف دينار، سوى الهدية المذكورة.
ثم فى يوم السبت ثانى جمادى الآخرة، وقع بين القاضى حميد الدين الحنفى، وبين شهاب الدين أحمد بن إسماعيل بن عثمان الكورانى الشافعى، مخاصمة، وآل أمرهما إلى الوقوف بين يدى السلطان، فغضب السلطان لحميد الدين وضرب الشهاب الكورانى وأهانه، ورسم بنفيه إلى دمشق، ثم إلى البلاد المشرقيّة، فخرج على أقبح وجه. وكان هذا الكورانى قدم القاهرة قبيل سنة أربعين وثمانمائة، فى فاقة عظيمة من الفقر والإفلاس، واتصل بباب المقرّ الكمالى ابن البارزى فوالاه بالإحسان على عادة ترفقه بأهل العلم، ونوّه بذكره، حتى عرفه الناس، وتردد إلى الأكابر، وصار له وظائف ومرتبات، فلم يحفظ لسانه لطيش كان فيه، حتى وقع له ما حكيناه.
ثم فى يوم الخميس رابع عشر جمادى الآخرة، قدم الأمير جلبان نائب الشأم، إلى القاهرة، ونزل السلطان إلى لقائه [١٢٤] بمطعم الطّير «١» خارج القاهرة، وهو أول ركبة ركبها، بعد سلطنته بالموكب، وخلع السلطان على جلبان المذكور خلعة الاستمرار، وعاد السلطان إلى القلعة وهو فى خدمته.
ثم فى يوم الاثنين [عاشر]«٢» شهر رجب، أنعم السلطان بإقطاع الأمير ألطنبغا