وفيه أيضا استقر ابن الحاضرى قاضى قضاة الحنفية بحلب بعد عزل محب الدين محمد بن الشّحنة، لسوء سيرته.
ثم فى يوم الأحد ثانى عشر [شهر]«١» ربيع الآخر، قدم الأمير سودون المحمدى من مكة المشرفة، إلى القاهرة، وهو مجرّح فى مواضع من بدنه، من قتال كان بين الشريف علىّ صاحب مكة، وبين أخيه [١٢٧] بركات، انتصر فيه الشريف علىّ، وانهزم بركات إلى البر.
ثم فى يوم الأحد سادس عشرين [شهر]«٢» ربيع الآخر [المذكور]«٣» ، أمسك السلطان الزينى عبد الرحمن بن الكويز، وعزله عن الأستادارية، ثم أصبح من الغد خلع على زين الدين يحيى ناظر الديوان المفرد باستقراره أستادارا، عوضا عن ابن الكويز المذكور.
وكان من خبر زين الدين هذا، أنه كان كثيرا ما يلى الوظائف بالبذل ثم يعزل عنها بسرعة، وقد تجمد عليه جمل من الديون؛ وكان خصمه فى وظيفة نظر الديوان المفرد عبد العظيم بن صدقة الأسلمى، وغريمه فى نظر الإسطبل شمس الدين الوزّة، ولا زال زين الدين المذكور فى بحبوحة من الفقر والذل والإفلاس، إلى أن ولى الأمير قيزطوغان الأستادارية، فاختار زين الدين هذا لنظر الديوان المفرد، وضرب عبد العظيم وأهانه، كونه كان من جملة أصحاب محمد بن أبى الفرج.
وركن إلى زين الذين هذا، وصار المعول عليه بديوان المفرد؛ فاستفحل أمره، وقضى ديونه، فحدثته نفسه بالأستادارية، لمصداق المثل السائر:«لا تموت النفس الخبيثة حتى تسىء «٤» لمن أحسن إليها» ، فأخذ زين الدين يدبر على الأمير طوغان فى الباطن، ويملى له المفسود، بأن يحسّن له الإقالة من الوظيفة، حتى يعظم أمره، من سؤال السلطان