للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرها، ورسم لهم السلطان أن يتوجه الجميع إلى طرابلس، ليضاف إليهم العسكر الشامى، ويسير الجميع عسكرا واحدا، ففعلوا ذلك، وسافر الجميع من ثغر دمياط، وثغر الإسكندرية، فى يوم الخميس حادى عشر [شهر] «١» ربيع الآخر؛ وكان لخروجهم من ساحل بولاق يوم عظيم «٢» ، لم ير مثله إلا نادرا.

ولما ساروا من ثغر الإسكندرية ودمياط إلى طرابلس، ثم من طرابلس إلى رودس، حتى نزلوا على برّها بالقرب من مدينتها فى الخيم، وقد استعد أهلها للقتال، فأخذوا فى حصار المدينة، ونصبوا عليها المناجيق «٣» والمكاحل، وأرموا على أبراجها بالمكاحل [والمدافع] «٤» ، واستمروا على قتال أهل رودس فى كل يوم. هذا ومنهم فرقة كبيرة «٥» قد تفرقت فى قرى رودس وبساتينها ينهبون ويسبون، واستمروا على ذلك أياما، ومدينة رودس لا تزداد إلا قوة، لشدة مقاتليها ولعظم عمارتها، وقد تأهبوا للقتال وحصّنوا رودس، بالآلات والسلاح والمقاتلة، وصار القتال مستمرا «٦» بينهم فى كل يوم، وقتل من الطائفتين خلائق كثيرة، هذا وقد استقر الأمير يلخجا الناصرى فى المراكب، ومعه جماعة كبيرة من المماليك السلطانية وغيرهم، لحفظ المراكب من طارق يطرقهم من الفرنج فى البحر، وكان فى ذلك غاية المصلحة، وصار يلخجا مقدم العساكر فى البحر، كما كان إينال مقدم العساكر فى البر، وبينما يلخجا ورفقته ذات يوم، إذ هجم عليهم الفرنج فى عدة كبيرة من المراكب، فبرز إليهم يلخجا ومن معه، وقاتلوهم قتالا عظيما، حتى نصر الله المسلمين، وانهزم الفرنج وغنم المسلمون منهم.

كل ذلك وقتال رودس مستمر فى كل يوم، والعساكر فى غاية ما يكون من الاجتهاد