فلما كان يوم الاثنين حادى عشر شهر رمضان، طلع قاصد شاه رخ المذكور ورفقته إلى القلعة، وكان السلطان قد احتفل إلى طلوعهم، ونادى أن أحدا من أجناد الحلقة والمماليك السلطانية، لا يتأخر عن طلوع القلعة فى هذا اليوم، وعمل السلطان الخدمة بالحوش من القلعة، ولم تكن العادة بعمل الخدمة إلا فى إيوان القلعة، فأبطل السلطان ذلك وعملها فى الحوش، وطلعوا القصّاد ومعهم التقدمة والكسوة، فأمر السلطان بإدخال ما معهم إلى البحرة لئلا يفطن أحد بالكسوة المذكورة «١» ، وترحّب السلطان بالقصّاد وأكرمهم وقرئ ما على يدهم من المكاتبة، وعادوا إلى جهة منزلهم، إلى أن وصلوا إلى بيت جمال الدين حيث سكنهم، وقد أطلقت الألسن فى حقهم بالوقيعة من العوام «٢» والرجم المتتابع إلى البيت المذكور.
وحال دخولهم إلى البيت، نزل خلفهم فى الوقت من المماليك السلطانية الذين «٣» بأطباق القلعة، مقدار ثلاثمائة مملوك، وانضاف «٤» إليهم جماعة كبيرة من المماليك البطّالين والعوام، وكبسوا على القصّاد المذكورين، ونهبوا جميع ما كان لهم، وكان شيئا كثيرا إلى الغاية، وأفحشوا فى النهب حتى أخذوا خيولهم، وكان قيمة ما نهب لهم من الفصوص الفيروزج الكرمانى والشقق الحرير والمخمّل والمسك وأنواع الفرو وغير ذلك نيّف «٥» على عشرين ألف [١٣٢] دينار وأكثر، ولولا أن الأمير يلخجا الرأس نوبة الثانى، كان سكنه بالقرب منهم، فركب فى الحال بمماليكه ونجدهم، ومنع الناس من نهبهم، ثم وصل إليهم الأمير إينال العلائى الدوادار الكبير، ثم الأمير تنبك حاجب الحجاب، وأمسكوا جماعة من العامة، وأخذوا ما كان معهم مما نهبوه، وإلا كان الأمر أعظم من ذلك.
ولما بلغ السلطان الخبر، غضب غضبا شديدا، وأمسك جماعة من العامة، وضربهم