وأيضا قد حررنا أموره بأضبط من هذا، فى تاريخنا «حوادث الدهور فى مدى الأيام والشهور»«١» إذ هو موضوع لتحرير الوقائع، وما ذكرناه هنا، على سبيل الاستطراد من شىء إلى شىء.
واستمر أبو الخير [بسجن الديلم إلى ما يأتى ذكره]«٢» من خروجه من السجن، ونفيه، ثم حبسه، وجميع ما وقع له إلى يومنا هذا، إن شاء الله تعالى.
وفى يوم حبس النحاس بحبس الدّيلم، ظهر القاضى ولىّ الدين السفطى من اختفائه، نحو ثمانية أشهر وسبعة أيام، وطلع من الغد فى يوم الخميس سادس جمادى الآخرة، إلى السلطان، فأكرمه السلطان، ونزل إلى داره، ثم فى يوم السبت ثامنه، ندب السلطان إينال الأشرفى المتفقّه، ليتوجه إلى دمشق، لكشف أخبار أبى الفتح الطيبى والفحص عن أمره.
وفى هذه الأيام، ترادفت الأخبار من حلب وغيرها بمسير جهان شاه بن قرا يوسف، صاحب تبريز، على [معز الدين]«٣» جهان گير بن على «٤» بك بن قرايلك صاحب آمد، وأن جهان گير، ليس له ملجأ إلا القدوم إلى البلاد الحلبية مستجيرا بالسلطان، وأن جهان شاه يتبعه حيثما توجه، فتخوّف أهل حلب من هذا الخبر، [١٥٢] ونزح منها جماعة كثيرة، وغلا «٥» بها ثمن ذوات الأربع، لأجل السفر منها، ومدلول هذه الحكايات طلب عسكر «٦» يخرج من الديار المصرية إلى البلاد الشامية، فأوهم السلطان بخروج تجريدة، ثم فتر عزمه عن ذلك.