وكان السلطان قد أرسل فى أول هذا النهار جوهرا التركمانى الطّواشى، إلى أبى الخير النحاس، يسأله عن الأموال، ويهدده بالضرب وبالنكال، فلم يلتفت أبو الخير إلى ما جاء فيه جوهر، وقال: قد أخذ السلطان جميع مالى، وما بقى فهو يباع فى كل يوم.
ثم أخذ أمر الشريف المدّعى على أبى الخير النحاس، فى انحلال، من كون [القاضى]«١» الشافعى أثبت فسق القاضى عز الدين البساطى، أحد نواب الحكم المالكى، وهو أحد من شهد على أبى الخير المذكور لأمر من الأمور، ولا نعرف على الرجل إلا خيرا، ووقع بسبب ذلك أمور، وعقد مجالس بالقضاة، بحضرة السلطان، وآل «٢» الأمر [على]«٣» أن السلطان حبس الشريف والشهود فى الحبس بالمقشرة، وتراجع أمر أبى الخير النحاس بعد ما أرجف بضرب رقبته غير مرة، ثم رسم السلطان فى اليوم الذي حبس فيه الجماعة المذكورة، بإخراج أبى الخير النحاس من حبس الديلم، وتوجّهه إلى بيت قاضى القضاة الشافعى، فأخرجه الوالى من سجن الديلم مجنزرا بين يديه، وشق به الشارع وهو راكب خلفه، ماش على قدر مشية النحاس، إلى أن أوصله إلى بيت القاضى الشافعى، بخط سويقة الصاحب، وقد ازدحمت الناس لرؤيته، وكان الوقت قبيل العصر بنحو العشر درج؛ ومرّ أبو الخير على مواضع كان يمر بها فى موكبه أيام عزه، والناس بين يديه؛ وبالجملة فخروجه الآن من حبس الديلم، خير من توجهه إليه من بيت القاضى المالكى، والمراد به الآن خير مما كان يراد به بعد «٤» ذاك.
ولما وصل أبو الخير إلى بيت القاضى الشافعى، أسلمه والى القاهرة إليه، فأمر القاضى فى الوقت، برفع الجنزير من عنقه، ثم قام بعد ساعة، شخص وادعى على أبى الخير بدعاو كثيرة شنعة، اعترف أبو الخير ببعضها، وسكت عن البعض، فحكم القاضى عند ذلك بإسلامه، وحقن دمه، وفعل ما وجب عليه من التعزير، بمقتضى مذهبه،