إلى التقاوى والأبقار، وقد عزّ وجود البقر حتى أبيع الزوج البقر الهائل، بمائة وعشرين دينارا، وما دونها، وأغرب من ذلك ما حدثنى السيفى إياس خازندار الأتابك آقبغا التمرازى، بحضرة الأمير أزبك الساقى، أنه رأى ثورا هائلا، ينادى عليه بأربعين ألف درهم «١» ، فاستبعدت أنا ذلك، حتى قال [١٥٨] الأمير أزبك: «نعم، وأنا سمعته أيضا يقول هذا الخبر للمقر الجمالى ناظر الخواص» . ثم استشهد إياس المذكور بجماعة كثيرة على صدق مقالته، وهذا شىء لم نعهد بمثله. هذا مع كثرة الفقراء والمساكين، ممن افتقر فى هذه السنين المتداولة بالغلاء والقحط، مع أنه تمفقر خلائق كثيرة ممن ليس له مروءة، وأمسك فى هذه الأيام جماعة كثيرة من البيعة، ومعهم لحوم الدواب الميتة، ولحم الكلاب، يبيعونها [على الناس]«٢» ، وشهروا بالقاهرة، وقد استوعبنا أمر هذا الغلاء وما وقع فيه من الغرائب من ابتداء أمره إلى آخره، وقد مكث نحو الأربع سنين فى تاريخنا «حوادث الدهور فى «٣» مدى الأيام والشهور» ، محررا باليوم والساعة «٤» .
ثم فى يوم الخميس حادى عشر شهر رمضان استقر الناصرى [ناصر الدين]«٥» محمد ابن مبارك [نائب البيرة]«٦» فى حجوبية دمشق؛ بعد عزل الأمير جانبك الناصرى؛ وتوجهه إلى القدس بطّالا.