الأحمر من الألوان فى عمره «١» ، منذ علم بكراهيته، ولم أره منذ تسلطن لبس كاملية بفرو [و]«٢» سمّور [و]«٣» بمقلب سمور غير مرة واحدة؛ وأما «٤» الركوب بالسرج الذهب والكنبوش الزّركش فلم يفعله إلا يوم ركوبه بأبهة السلطنة لا غير، وكان ما يلبسه أيام الصيف؛ وما على فرسه من آلة السرج وغيره، لا يساوى عشرة دنانير مصرية، وكان معظّما للشريعة محبا للفقهاء وطلبة العلم، وما وقع منه من الإخراق ببعضهم وحبسهم بحبس المقشرة، فلا تقول: كان ذلك بحق، بل نقول: الحاكم يجتهد، ثم يقع منه الصواب والخطأ، فإن كان ما فعله بحق فقد أصاب وإن كانت الأخرى فقد أخطأ وأعيب عليه ذلك [الطويل]
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلّها ... كفى المرء فخرا أن تعدّ معايبه
وكان معظّما للسادة الأشراف، وكان يقوم لمن دخل عليه من الفقهاء والفقراء كائنا من كان، وإذا قرأ «٥»[١٦٧] عنده [أحد]«٦» فاتحة الكتاب، نزل عن مدوّرته، وجلس على الأرض إجلالا لكلام الله تعالى.
وكان كريما جدا، يجود بالمال، حتى نسب إلى السرف، وكان ينعم بالعشرة آلاف دينار إلى ما دونها، وكان ممن أنعم عليه بعشرة آلاف دينار، الأتابك قرقماس الشعبانى، وأما دون ذلك من الألف إلى المائة، فدواما طول دهره، لا يملّ من ذلك، حتى أنه أتلف فى أيام سلطنته من الأموال، ما لا يدخل تحت حصر كثرة؛ ويكفيك أنه بلغت نفقاته على المماليك وصلات «٧» الأمراء والتراكمين وغيرهم، وفى أثمان مماليك اشتراهم، وتجاريد جرّدها، فى مدة أولها موت الملك الأشرف برسباى، وآخرها سلخ سنة أربع وأربعين وثمانمائة، وذلك مدة ثلاث سنين، مبلغ ثلاثة آلاف ألف