للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حفظه، حتى صار معدودا من العلماء، ولا نعلم أحدا من أبناء جنسه من ابن أمير ولا سلطان وصل إلى هذه الرتبة غيره قديما ولا حديثا، بل ولا فى الدولة التركية قاطبة من المشاهير أولاد الملوك، هذا مع المحاضرة الحسنة والمذاكرة اللطيفة والنوادر الطريفة والاطلاع الزائد فى أخبار السلف وأيام الناس.

وكان يسألنى عن مسائل دقيقة مشكلة فى التاريخ على الدوام، لم يسألنى عنها أحد من بعده إلى يومنا هذا، وأما حفظه للشعر باللعتين التركية والعربية، فغاية لا تدرك «١» ، وكان مجلسه لا يبرح مشحونا بالعلماء مشايخ الإسلام يتداولونه بالنوبة، فكان لقاضى القضاة شهاب الدين بن حجر وقت «٢» يحضر فيه فى كل جمعة مرتين، ولقاضى القضاة سعد الدين بن الديرى الحنفى وقت غير ذلك يحضر فيه [أيضا] «٣» فى الجمعة مرتين، وأما العلامة محيى الدين الكافيجى الحنفى، والعلامة قاسم الحنفى، فكانا يلازمانه فى غالب الأوقات ليلا ونهارا، وأما غير هؤلاء من الطلبة الأعيان، فكثير يطول [١٨٤] الشرح فى ذكرهم.

[وكان] «٤» مع هذه الفضيلة [التامة] «٥» والرئاسة الضخمة والترشيح للسلطنة، متواضعا بشوشا هيّنا [لينا] «٦» ، مع حسن الشكالة وخفة الروح والميل إلى الطرب، على قاعدة الصوفية والعقلاء من الرؤساء؛ وكان لا يمل من المحاضرة والمذاكرة بالعلوم والفنون؛ وكان رميه بالنشّاب فى غاية الجودة، ويشارك فى ملاعيب كثيرة، لولا سمن كان اعتراه، وكره هو ذلك، وأخذ يتداوى فى منع السمن بأشياء كثيرة، ربما كان بعضها