وكان من محاسن الدنيا، لولا إسرافه على نفسه، وقد نسبه الشيخ تقي الدين المقريزى رحمه الله فى مواضع كثيرة، إلى الأمير دقماق المحمدى «١» ، فقال:
تمراز الدّقماقى، وليس هو كذلك، وإنما تمراز تزوج السّت أردباى أم ولد دقماق لا غير.
وتوفى قاضى القضاة بدر الدين محمد بن قاضى القضاة ناصر الدين أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاء الله بن عواض بن نجا بن أبى الثناء حمود بن نهار [الشمس]«٢» ابن مؤنس بن حاتم بن نبلى بن جابر بن هشام بن عروة بن الزبير بن العوام رضى الله عنه، حوارىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، المعروف بابن التّنسى المالكى، قاضى قضاة الديار المصرية، فى يوم الاثنين ثالث عشر صفر بالقاهرة، وبها نشأ تحت كنف والده، وحفظ عدة متون وتفقه بعلماء عصره وبرع وأفتى ودرّس وناب فى الحكم سنين.
ثم استقل بوظيفة القضاء، بعد موت قاضى القضاة شمس الدين البساطى، فى سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، ولما ولى القضاء أكبّ على الاشتغال والإشغال، وكان مفرط الذكاء، جيد التصور، مع الفصاحة وطلاقة اللسان وحسن السيرة إلى الغاية والنهاية، والتحرى والتثبت فى أحكامه، والحط على شهود الزور، حتى أبادهم.
وكان يحلّف حواشيه بالأيمان المغلظة على الأخذ من الناس على بابه، ثم بعد ذلك يأخذ فى الفحص عليهم، ويبذل جهده فى ذلك، مع ذكاء وحذق ومعرفة، لا يدخل عليه مع ذلك تنميق منمق، ولا خديعة خادع. وكان يتأمل فى أحكامه ومستندات الأخصام الأيام الكثيرة، وبالجملة أنه أعظم من رأينا من القضاة فى العفة وجودة سيرة حواشيه الذين هم على بابه بلا مدافعة، مع علمى بأحوال من عاصره