ولولا أن بعض خچداشيّته المؤيدية حماه لكان أمره ربما وصل إلى التلاف، وكذلك وقع للأمير كزل المعلّم، وأما عبد الله كاشف الشرقية فإنه أخذ ورأسه مكشوفة وشيبته قد تضمخت بالدماء السائلة على وجهه من الضرب بالدبابيس، والقوم تهجم عليه كرّة بعد أخرى لهلاكه، لولا قائل كفّهم عنه وهو يقول:«لا تقتلوه؛ يروح مال السلطان، دعوه حتى يأخذ السلطان أمواله» ، ثم وقع ذلك بجماعة من الخاصكية يطول الشرح فى ذكرهم من الأخذ والسلب مما عليهم والإخراق بهم.
وأما الأمير تنم فإنه لما أخذوه ودخلوا به إلى الأمير الكبير، وعلى رأسه قبّع «١» أخضر من غير تخفيفة، ومعه كزل المعلّم، وعبد الله الكاشف، فأوقف بين يدى الأمير الكبير على بعد، فكان أول ما تكلّم به تنم أن قال:«بينى وبين الأمير الكبير عهود» أو معنى ذلك، فقال الأمير الكبير:«أنت نقضت العهد» ، يعنى بتركه وطلوعه إلى الملك المنصور، ثم أمر به وبرفقته فحبسوا بالقصر عند الأمير قراجا وغيره، ثم نقلوا بعد ساعة إلى ركبخاناة الإسطبل السلطانى، وأضيف إليهم قانى باى الچاركسى وغيره ممن يأتى ذكرهم عند توجههم إلى سجن الإسكندرية.
ولما طلع الأمير جرباش إلى الإسطبل وملك باب السلسلة، قام الأمير الكبير عند ذلك من مقعد بيت الأمير قوصون، وركب فرسه، وخرج منه في موكب عظيم إلى الغاية، والخليفة عن يمينه، وتنبك البردبكى أمير مجلس عن يساره، والعساكر بين يديه محدقة به، وقد وقفت الخلائق دهليزا لرؤيته، حتى سار من بيت قوصون تجاه باب السلسلة إلى أن طلع إليها، وجلس بالحرّاقة من باب السلسلة، فحال جلوسه تفرّقت العساكر «٢» فى قبض أعيان الأمراء الظاهرية وغيرهم، فقبضوا منهم على جماعة كثيرة يأتى ذكرهم بعد ذلك.