والخازندار، واستقرّ عوضه في الأستادارية سعد الدين فرج بن النحّال الوزير، واستقرّ علىّ بن الأهناسى البرددار وزيرا عوضا عن فرج المذكور، فلما سمعت المماليك الأجلاب بهذا العزل والولاية نزلوا من وقتهم غارة إلى بيت الأستادار لينهبوه، فمنعهم مماليك زين الدين، وقاتلوهم وأغلقوا الدروب، فلما عجزوا عن نهب بيت زين الدين نهبوا بيوت الناس من عند بيت زين الدين إلى قنطرة أمير حسين «١» ، فأخذوا ما لا يدخل تحت حصر كثرة.
واستمروا في النهب من باكر النّهار إلى قريب العصر، وفعلوا بالمسلمين أفعالا لا تفعلها الكفرة ولا الخوارج مبالغة، وهذا أعظم مما كان وقع منهم من نهب جوار بيت الوزير فرج، فكانت هذه الحادثة من أقبح الحوادث الشنيعة التي لم نسمع بأقبح منها في سالف الأعصار.
ومن ثم دخل في قلوب الناس من المماليك الأجلاب من الرجيف والرّعب أمر لا مزيد عليه، لعلمهم أنه مهما فعلوا جاز لهم، وأن السلطان لا يقوم بناصر من قهر منهم.
ووقعت حادثة عجيبة مضحكة، وهى أنه لما عظم رجيف الناس والعامة من هذه المماليك الأجلاب انفق أن جهاز بنت الناصرى محمد بن الثّلّاج الأمير آخور خرج من بيت أبيها إلى بيت زوجها الأمير جانبك قرا الأشرفى، وحمل ذلك على رءوس الحمّالين والبغال كما هى عادة المصريين، وسارت الحمالون بالمتاع فوقع من على رأس بعضهم قطعة نحاس، فجفل من ذلك فرس بعض الأجناد، فحنق الجندى من فرسه وضربه، ثم ساقه، فلم تشك العامة أن المماليك نزلوا إلى نهب