السّماط، فعند ذلك عرّفه الأمير يونس بما طلبوه، فقال السلطان: لا سبيل إلى ذلك، وأرسل إليهم مرجانا المقدّم يعرّفهم مقالة السلطان، فعاد مرجان ثانيا إلى السلطان بالكلام الأوّل، وصار يتردّد مرجان بين السّلطان والمماليك الأجلاب نحو سبعة مرار، وهم مصممون على مقالتهم، والسّلطان ممتنع من ذلك.
وامتنع الناس من الدّخول والخروج إلى السلطان خوفا من المماليك لما فعلوه مع العجمى المحتسب، فلما طال الأمر على السّلطان خرج هو إليهم بنفسه، ومعه جماعة من الأمراء والمباشرين، وتوجّه إلى باب القلّة حيث يجلس مقدّم المماليك والخدّام، فوجد المماليك قد اجتمعوا عند رحبة باب طبقة المقدّم، فلما علموا بمجيء السلطان أخذوا في الرجم فجلس السلطان بباب القلّة مقدار نصف درجة، ثم استدرك أمره لمّا رأى شدّة الرّجم، وقصد العود إلى الدّهيشة، ورسم لمن معه من الأمراء أن ينزلوا إلى دورهم، فامتنعوا إلا أن يوصّلوه إلى باب الحريم، فعاد عليهم الأمر فنزلوا من وقتهم، وبقى السلطان فى خواصّه وجماعة المباشرين وولده الكبير المقام الشهابى أحمد.
فلما سار السلطان إلى نحو باب الستارة، ووصل إلى باب الجامع أخذه الرّجم المفرط من كلّ جهة، فأسرع في مشيته والرّجم يأتيه من كل جانب، وسقط الخاصكى الذي كان حامل ترس السلطان من الرّجم، فأخذ التّرس خاصكىّ آخر فضرب الآخر فوقع وقام، وشجّ دوادار ابن السلطان في وجهه وجماعة كثيرة، وسقطت فردة نعل السلطان من رجله فلم يلتفت إليها لأنه محمول من تحت إبطيه مع سرعة مشيهم إلى أن وصل إلى باب الستارة، وجلس على الباب قليلا، فقصدوه أيضا بالرّجم فقام ودخل من باب الحريم وتوجّه إلى الدّهيشة.
واستمرّ وقوف المماليك على ما هم عليه إلى أذان المغرب، فبعد صلاة المغرب نزل الصاحب جمال الدين ناظر الجيش والخاص من باب الحريم إلى القصر، وتوصل منه إلى الإسطبل السلطانى، وخرج من باب السّلسلة، وتوجّه إلى داره، ونزل الأمير بردبك الدّوادار الثانى وصهر السلطان من الميدان ماشيا، فوجد فرسه تحت القلعة،