فركبه وتوجّه إلى داره، وكذلك فعل جانبك المشدّ، وجانبك الخازندار وغيرهما، وبات القوم وهم على وجل، والمماليك يكثرون من الوعيد في يوم السبت؛ فإنهم زعموا أن لا يتحركوا بحركة في يوم الجمعة مراعاة لصلاة الجمعة.
وأصبح السلطان وصلى الجمعة مع الأمراء على العادة، فتكلم بعض الأمراء مع السلطان فى أمرهم بما معناه إنه لا بد لهم من شىء يطيّب خواطرهم به، ووقع الاتفاق بينهم وبين السلطان على زيادة كسوتهم التي يأحذونها في السّنة مرّة واحدة، وكانت قبل ذلك ألفين، فجعلوها يوم ذاك ثلاثة آلاف «١» ، وزادوهم أيضا في الأضحية، فجعلوا لكل واحد ثلاثة من الغنم الضأن، فزيدوا رأسا واحدا على ما كانوا يأخذونه قبل ذلك، ثم رسم لهم أن تكون تفرقة الجامكيّة على ثلاث نفقات «٢» فى ثلاثة أيام من أيام المواكب، فرضوا بذلك وخمدت الفتنة، وقد انتفعت جميع المماليك السلطانية بهذه الزيادات؛ فإنها ليست بمختصة بالأجلاب فقط، وإنما هى لجميع مماليك السلطان كائنا من كان، فحمدت المماليك والناس جميعا فعلهم لماجر إليهم من المنفعة.
قلت: هذا هو الاحتمال الذي يؤدى إلى قلة المروءة، فإنه لو أراد لفعل بهم ما شاء، غير أنه كما ورد:«حبّك للمرء يعمى ويصم» انتهى.
وفي هذه الأيام ترادفت الأخبار من الأمير جانم الأشرفى نائب حلب بحركة ابن قرمان، فلهج السلطان بخروج تجريدة لقتاله بعد انفصال فصل الشتاء.
ثم في يوم الاثنين خامس شهر ربيع الأوّل أبطل السلطان الخدمة من القصر، وجلس بالحوش السلطانى، وجمع القضاة والأعيان وناظر دار الضّرب، وسبكت الفضة المضروبة في كل دولة، وقد حرّرنا وزن ضرب كلّ دولة، وما نقص منها في تاريخنا «حوادث الدهور» - انتهى.
وانفضّ الجمع وقد نودى في يومه بشوارع القاهرة بأن أحدا لا يتعامل بالفضّة